اللهمَّ يسر لي اليسرى، وجَنِّبني العسرى، وارزقْني طاعتَك ما أَبقيتَني.
اللهمَّ متعني بسمعي وبصري أبداً ما أبقيتَني، واجعل ذلك الوارثَ مني، واجعل ثأري على من ظلمني، وانصرْني على مَنْ عاداني، ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ هَمِّي، ولا مبلغَ علمي، ولا تسلِّط عليَّ بذنبي مَنْ لا يرحمُني يا أرحم الراحمين، استودعُك ديني وأمانتي وقلبي وبدني وخواتيمَ عملي، وجميعَ ما أنعمتَ به عليَّ وعلى جميع أحبائي والمسلمين أجمعين.
وثبت في "صحيح مسلم": أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما مِنْ يومٍ أكثر من أن يُعتق اللهُ فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنون، ثم يباهي بهم الملائكة".
وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما رُئي أن الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما رئي يوم بدر؛ فإنه قد رأى جبريل يزع -أي: يسوي- الملائكةَ" رواه مالك مرسلاً.
وبالجملة: فليكنْ أهم اشتغاله في هذا اليوم الدعاء، ففي مثل هذه البقعة، ومثل ذلك الجمع ترجى إجابة الدعوات، ولْيُلِحَّ في الدعاء، وليعظم المسألةَ؛ فإن الله لا يتعاظمه شيء. ويستحب الإكثارُ من التلبية فيما بين ذلك، وبين الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن يُكثر من البكاء معَ الذكر والدعاء، فها هنالك تُسكب العبرات، وتُستقال العَثَرات، وترتجى الطلبات، وإنه لموقفٌ عظيم، ومجمَعٌ جليل، تجتمع فيه خيار عباد الله الصالحين، وهو أعظم مجامع الدنيا.
قال مُطَرِّفُ بنُ عبد الله وهو بعرفة: اللهمَّ لا تَرُدَّ الجميعَ لأجلي.
وقال بكر بن [عبد الله] المزني: لما نظرتُ إلى أهل عرفات، ظننت أنهم قد غُفر لهم لولا أني كنت فيهم. وقد خطر ببالي مثلُ ذلك بعرفة، ولله الحمد.
وروي أن الفضيلُ بنَ عياض نظر إلى بكاء الناس بعرفة، فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل، فسألوه دانقاً، أكان يردُّهم؟ قالوا: لا والله، فقال: للمغفرةُ عندَ الله أهونُ من إجابة رجل بدانق.