ابن الحاجب من المالكية: إنه يشترط كونه حجراً ورمياً على الجمرة أو موضع حصاها، واستحب الشافعية: أن يكون الرمي باليمنى، واستحب الشافعية والحنابلة: أن يرفع الرجل يده في الرمي حتى يُرى بياض إبطه، والمرأة لا ترفع، والحنفية: أنهما يرفعان.
والسنة عند الأربعة: أن يكبر مع كل حصاة، وإن شاء قال مع ذلك:"اللهم اجعله حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً"، قاله ابن مسعود، وابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-، ولا يزال يلبي في ذهابه من مشعر إلى مشعر؛ مثل ذهابه إلى عرفات، ومن عرفة إلى مزدلفة، ومنها إلى منى حتى يرمي جمرة العقبة، فإذا شرع [في] الرمي، قطع التلبية؛ فإنه حينئذ يشرع التحلل، والعلماء في التلبية على ثلاثة أقوال:
١ - منهم من يقول: يقطعها إذا وصل إلى عرفة،
٢ - ومنهم من يقول: يلبي بعرفة،
٣ - والثالث: إذا فاض إلى مزدلفة لبى، ومنها إلى منى حتى يرمي جمرة العقبة، وهكذا صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأما التلبية في وقوفه - صلى الله عليه وسلم - بعرفة ومزدلفة، فلم يُنقل عنه - صلى الله عليه وسلم -، وقد نقل عن الخلفاء الراشدين وغيرهم أنهم كانوا لا يلبون بعرفة. والسنة عند الشافعية: أن يرمي راكباً، فإن رمي ماشياً، أجزأه، وعن أبي حنيفة ومحمد: الرمي كله راكباً أفضل، وعند المالكية: ماشياً أفضل.
قلت: وفي حديث جابر، قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر، رواه أحمد، ومسلم، والنسائي. وفيه أن رمي الراكب أفضل من رمي الراجل، وقيل: إن الرمي واجب بالإجماع، واقتصر في "الفتح" على حكاية الوجوب عن الجمهور، وقال: إنه عند المالكية سنة، وحكى عنهم: أن رمي جمرة العقبة ركن يبطل الحج بتركه. وحكى ابن جرير عن عائشة وغيرها: أن الرمي شرع حفظاً للتكبير، فإنْ تركه وكَبَّر، أجزأه.
والحق أنه واجب؛ لما قدَّمنا من أن أفعاله - صلى الله عليه وسلم -: بيان لمجمَل واجب، وهو قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران: ٩٧] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم"، ويدخل وقت رمي جمرة العقبة بنصف الليل من ليلة العيد، ويمتد