إلى آخر أيام التشريق، ووقتها الفاضل بعد ارتفاع الشمس قدر رمح، وقبلَ الزوال، فإن ترك الرمي حتى فات الوقت، لزمه دم كدم التمتع، هذا مذهب الشافعية، وبه قال عطاء، وطاوس، والشعبي، وقالت الحنفية، وأحمد، وإسحاق، والجمهور: إن وقته بعد طلوع الشمس، ويبقى إلى غروب شمسه، وفيما بعد ذلك من الليل إلى طلوع الفجر من الغد يجزي الرمي مع الكراهة، ولا شيء عليه، وفيما بعد ذلك من أيام التشريق ولياليها يجزيه، وعليه مع ذلك دم عند أبي حنيفة؛ خلافاً لصاحبيه، ووقتها المسنون بعد طلوع الشمس إلى الزوال.
قال ابن المنذر: إن السنة ألا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر، وفاعله مخالف للسنة. ومن رماها حينئذ، فلا إعادة عليه، إذ لا أعلم أحداً قال: لا يجزيه، انتهى. والأدلة تدل على أن وقت الرمي بعد طلوع اليوح لمن كان له رخصة له، ومن كانت له رخصة؛ كالنساء وغيرهن من الضعفة، جاز له قبل ذلك، ولكن لا يجزي في أول ليلة النحر إجماعاً، وعند المالكية: أن أول وقت رمي جمرة العقبة يدخل بطلوع فجر يوم النحر، ويبقى وقت الأداء إلى الغروب، ثم يكون قضاءً إلى آخر أيام التشريق، ويجب الدم مع القضاء، وأفضله من طلوع الشمس إلى الزوال، ومذهب الحنابلة: أن وقتها الفاضل بعد طلوع الشمس إلى الزوال، ووقت الجواز من نصف الليل إلى آخر أيام التشريق، لكن لا يصح في ليالي التشريق، وإذا أخر الرمي وفعله في أيام التشريق، لم يرم إلا بعد الزوال، ولا شيء عليه، فإذا فرغ من الرمي، فالسنة ألا يقف عندها للدعاء بالاتفاق.
وليس بمنى صلاةُ عيد، بل رمي جمرة العقبة لهم كصلاة العيد لأهل الأمصار، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل جمعة ولا عيداً في سفره، لا بمكة ولا بغيرها، بل كانت خطبته بعرفة خطبة نسك، لا خطبة جمعة.
والسنة للإمام في هذا اليوم أن يخطب بعد الزوال، وهي خطبة وداع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما رجع بعد الرمي إلى منى، خطب الناس خطبة بليغة،