الحنفية أن يخطب الإمام في هذا اليوم خطبة فردة بعد صلاة الظهر، يعلم الناس جواز النفر وما بعده، ثم يرمي في اليوم الثالث كذلك إن لم يكن نفر في اليوم الثاني، والأفضل عند الشافعية: أن يرمي في غير يوم النحر من أيام التشريق ماشياً، وفي يوم النحر راكباً، وعند الحنفية: أن الرمي كله راكباً أفضل، وعند المالكية وكثير من الحنابلة: أن الرمي ماشياً في أيام التشريق أفضل.
ومذهب الشافعية أنه لو ترك الرمي حتى خرجت أيام التشريق، وجب عليه جبره، فإن كان المتروك جميعَ رمي أيام التشريق ويوم النحر، لزمه دم واحد، وإن كان ثلاث حصيات فأكثر، لزمه دم، وإن كان حصاة، لزمه مُدٌّ من طعام يفرَّق على مساكين الحرم، وفي حصاتين مُدّان، وعند الحنفية: إن ترك جميع الرمي، لزمه دم، وإن ترك رمي جمرة العقبة يوم النحر أو أكثره، لزمه دم، وإن ترك منها حصاة أو حصاتين، تصدق لكل حصاة نصف صاع من بر، أو صاعٍ من شعير أو تمر.
ويروى: أن الأصل في رمي الجمرات: أن إبراهيم -عليه السلام- لما فرغ من بناء البيت، أتاه جبريل -عليه السلام-، فأراه الطواف، ثم أتى به جمرة العقبة، فعرض له الشيطان، فأخذ جبريل سبع حصيات، وأعطى إبراهيم سبعاً، وقال: ارم وكَبّر، فرميا وكبرا مع كل رمية حتى غاب الشيطان، وهكذا فعل عند الجمرة الثانية والثالثة.
وتأخير النفر إلى اليوم الثالث أفضلُ بالاتفاق، ويجوز تعجيله؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}[البقرة: ٢٠٣]، ومن ترك المبيت لعذر؛ كأهل سقاية العباس، ورعاء الإبل، ومن خاف على نفسه أو ماله، وما أشبه ذلك، فلا شيء عليه عند الشافعية.
ولا ينفر الإمام الذي يقيم للناس المناسك، بل السنة أن يقيم إلى الثالث، والسنَّةُ للإمام أن يصلي بالناس بمنى، ويصلي أهلُ الموسم خلفه، ويستحب أن يتبرك بالصلاة في مسجد الخَيْف، ولا يدعها مع الإمام، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يصلون بالناس قصراً بلا جمع بمنى، ويقصر الناس كلهم خلفهم، أهلُ مكة، وغير أهل مكة.