للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "اللهمَّ لا تجعل قبري وَثَناً يعبد"، وقال: "لا تجعلوا قبري عيداً"، و"ولا تجعلوا قبوركم بيوتاً، وصلوا عليَّ حيثما كنتم؛ فإن صلاتكم تبلغني"، وقال: "أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة؛ فإن صلاتكم معروضة عليّ"، فقالوا: كيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمت؛ أي: بليت؟ قال: "إن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء"، فأخبر أنه يسمع الصلاة والسلام من القريب، وتبلغ إليه ذلك من البعيد.

وقال: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذِّر مما فعلوا، قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: ولولا ذلك، لأبرز قبره، ولكن كره أن يُتخذ مسجداً، أخرجاه في "الصحيحين"، فدفنه الصحابة في الموضع الذي مات فيه من حجرة عائشة، وكانت هي وسائر الحجر خارج المسجد من قبليِّه وشرقيِّه.

ولكن في زمن الوليد بن عبد الملك، غيّر هذا المسجد وغيره، وكان نائبه على المدينة عمر بن عبد العزيز، فأمر أن يشتري الحُجَر، ويُزاد في المسجد، فدخلت الحجرة في المسجد من ذلك الزمان، وبُنيت منحرفةً عن القبلة مسنَّمة لئلا يصلِّي إليها أحد، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها" رواه عن مسلم عن أبي مرثد الغنوي.

زيارة القبور على وجهين: زيارة شرعية، وزيارة بدعية

فالشرعية: المقصودُ بها السلامُ على الميت، والدعاءُ له، كما يقصد ذلك بالصلاة على جنازته، فزيارتُه بعد موته من جنس الصلاة عليه، والسنةُ فيها أن يسلم على الميت، ويدعو له، سواء كان نبياً، أو غير نبي، كما كان - صلى الله عليه وسلم - يأمر أصحابه إذا زاروا القبور، أن يقول أحدهم:

"السلامُ عليكم أهلَ الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إنْ شاء الله بكم للاحقون، ويرحمُ الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسألُ اللهَ لنا ولكم العافيةَ، اللهم لا تحرْمنا أجرَهم، ولا تَفْتِنَّا بعدهم، واغفرْ لنا ولهم".

<<  <   >  >>