للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا يقول إذا زار أهلَ البقيع، ومَنْ به من الصحابة وغيرهم، وزار شهداء أحد وغيرهم.

بل الصلاة في المساجد التي ليس فيها قبرُ أحد من الأنبياء والصالحين وغيرهم، أفضلُ من الصلاة في المساجد التي فيها ذلك باتفاق أئمة المسلمين، بل الصلاة في المساجد التي على القبور إما محرمة، وإما مكروهة.

والزيارة البدعية: أن يكون الزائر مقصودُه منها أن يطلب حوائجه من ذلك الميت، أو يقصد الدعاء عند قبره، أو يقصد الدعاء به، فهذا ليس من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا استحبه أحد من سلف الأمة، بل هو من البدَع المنهيِّ عنها باتفاق سلف الأمة وأئمتها.

وقد كره مالك وغيره أن يقول القائل: زرتُ قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا اللفظ لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل الأحاديث المذكورة في هذا الباب مثل:-

قوله: "من زارني، وزار أبي إبراهيم في عام واحد، ضمنت له على الله الجنة".

وقوله: "من زارني بعد مماتي، فكأنما زارني في حياتي".

وقوله: "من زارني بعد مماتي، حلت عليه شفاعتي".

ونحو ذلك، كلها أحاديث ضعيفة، بل موضوعة.

ليست في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها، ولا نقلها إمام من أئمة المسلمين، لا الأربعة منهم، ولا نحوهم، ولكن روى بعضها البزار، والدارقطني، ونحوهما بأسانيد ضعيفة.

بل من عادة الدارقطني وأمثاله أن يذكروا هذا في السنن؛ ليُعرف هو وغيره، وبينوا الضعيف من ذلك، وذا كانت هذه الأمور التي فيها شرك وبدعة قد نهى عنها عند قبره، وهو أفضل الخلق، فالنهي عن ذلك عند قبر غيره أولى وأحرى.

ويستحب أن يأتي قباء ويصلي فيه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من تطهَّر في بيته، فأحسن الطهور، ثم أتى مسجد قباء، لا يريد إلا الصلاة فيه، كان له كأجر عمرة"

<<  <   >  >>