التمر؛ كالبرنيِّ والعجوةِ خيرٌ منه، والأحاديث إنما جاءت في مثل ذلك، لا في الصيحاني، وقول بعض الناس: إن الصيحاني صاح بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جهلٌ منه، بل إنما سمى بذلك اليابس منه؛ فإنه يقال: يصوح التمر: إذا يبس.
وهكذا قول بعض الجهال: إن "عين الزرقاء" جاءت معه - صلى الله عليه وسلم - من "مكة"، ولم تكن بالمدينة على عهده - صلى الله عليه وسلم - عين جارية، لا الزرقاء، ولا غيرها من عيون جمرة وغيرها، بل كل هذا استخرج من بعد.
ورفعُ الصوت في المساجد منهيٌّ عنه، وهو في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد، وقد ثبت في "البخاري": أن عمر بن الخطاب رأى رجلين من أهل الطائف يرفعان أصواتهما في المسجد، فقال: لو أعلم أنكما من أهل البلد، لأوجعتكما ضرباً، إن الأصوات لا تُرفع في مسجده، فما يفعله بعضُ جهال العامة من رفع الصوت عقيبَ الصلاة بقولهم: السلامُ عليكَ يا رسولَ الله بأصوات عالية، وأمثال ذلك، فمن أقبح المنكرات، ولم يكن أحد من السلف يفعل شيئاً من ذلك عقيبَ الصلاة، ولا قبلها، ولا بعدها، لا بأصوات عالية، ولا مستخفية، بل ما في الصلاة من قول المصلي في التشهد:"السلام عليكَ أيها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاته" هو المشروع، كما أن الصلاة عليه مشروعة في كل مكان وزمان.
وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه قال:"من صلى عليَّ مرة، صلى الله عليه عشراً"، وفي "المسند": أن رجلاً قال: يا رسول الله! أجعلُ عليك ثلث صلاتي؟ قال:"إذن يكفيك الله ثلثَ أمرك"، فقال: أجعل عليك ثلثي صلاتي؟ قال:"إذن يكفيك الله ثلثي أمرك"، قال: أجعل صلاتي كلها عليك؟ قال:"إذن يكفيك الله ما أهمَّكَ من أمر دنياك وآخرتك".
وفي "السنن" عنه - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "لا تتخذوا قبري عيداً، وصلُّوا عليَّ حيثما كنتم؛ فإن صلاتكم تبلغني". وقد رأى عبد الله بن الحسن -رضي الله تعالى عنه- في زمنه رجلاً ينتاب قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - للدعاء عنده، فقال: يا هذا! إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا عليَّ حيثما كنتم؛ فإن صلاتكم تبلغني"، فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء.