للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى مالك، والبخاري، ورزين العبدري: أن عمر بن الخطاب قال: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك.

وروى البيهقي مرفوعاً: "من استطاع أن يموت بالمدينة، فليمتْ بها، فمن مات بالمدينة، كنت له شفيعاً وشهيداً"، وفي رواية له: "فإنه من يمت بها، أشفع له، وأشهد له"، وقد ذكر هذه الرواية ابن حبان في "صحيحه".

وروى الترمذي، وابن حبان في "صحيحه"، وابن ماجه، والبيهقي، وعبد الحق، وصححه عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من استطاع أن يموت بالمدينة، فليمتْ بها، فإني أشفعُ لمن يموت بها"، ورواه الطبراني في "الكبير" بسند حسن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب إسناداً.

وروى الطبراني مرفوعاً: "أول مَنْ أشفعُ له من أمتي أهلُ المدينة، ثم أهل مكة، ثم أهل الطائف، وأخرجه الترمذي.

وبالجملة: فالترغيب في الموت بالمدينة لم يثبت مثله لغيرها، واختيار سكناها المعروف من حال السلف، ولا شك أن الإقامة بالمدينة في حياته - صلى الله عليه وسلم - أفضل إجماعاً، فيستحب ذلك بعد وفاته حتى يثبت إجماعٌ مثلُه يرفعه.

وفي "الصحيحين": اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة، أو أشد"، وفيهما: "اللهم اجعل بالمدينة ضِعْفي ما جعلتَ بمكة من البركة". وعن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم بارك لنا في تمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مُدِّنا، اللهم إن إبراهيم عبدُك وخليلك، ونبيك، وإني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة، وأنا أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة، ومثله معه" رواه مسلم، وله ألفاظ عند أهل السنن.

والبركة هنا بمعنى: النمو والزيادة، ويحتمل أن تكون دينية وهي ما يتعلق بهذه المقادير في الزكاة والكفارات، فيكون بمعنى الثبات لها لثبات الحكم بها، وبقائه ببقاء الشريعة، ويحتمل أن تكون دنيوية من تكثير الكيل والقدر بهذه الأكيال حتى يكفي منه ما لا يكفي من غيره في غير المدينة، أو ترجع البركة إلى كثرة ما يكال بها من غلاتها وثمارها، وفي هذا كله إجابة دعوته - صلى الله عليه وسلم -. وقال

<<  <   >  >>