٤ - وفتح القدير في فني الرواية والدراية من التفسير، وغير ذلك مما شغفت به.
ويوم الثلاثاء رابع عشر من شوال وقتَ الصبح رفعوا مرساة السفينة، فكان مجموع أيام الإقامة بالحديدة على هذا الحساب مع أيام المكث في المركب ثمانية عشر يوماً، ولم آلُ جهداً في هذه الحركة وأيام البركة من تحصيل العلم النافع، والخير الجاري.
ولما سار المركب من الحديدة، سكن الهواء إلى ثلاثة أيام، ولم يتحرك المركب خطوة من محل القيام، وبعد ذلك هبت الريح الأزديب، وكان إذ ذاك زمان الحج أقرب، وجاء الغيم والمطر بالليل، ورجع المركب إلى عقبه، وسار إلى غير صوبه، فمكثنا بهذه الحالة في البحر إلى أيام آبسين عن الوصول إلى المأمول، وراجين من الله حصول المسؤول، مع أن "جدة" من "الحديدة" مسير أسبوع لا غير لبطيء السير، ولكن وصل مركبنا إليها بعد نحو شهر حتى ضاقت علينا الأرض بما رحبت من طول الركوب، ومخالفة الهواء وقلة المطعوم والمشروب، حتى قنعت في اليوم والليلة بجرعة من الماء، ولقيمات من الأرز الذي لم يخالطه شيء من السمن والإدام.
وبلغت الأنفس التراقي في تلك الأيام، وكانت الأيدي إلى السماء مرفوعة، والأعين والآذان كأنها على طريق مجيء الريح الطيب ورؤية "جدة" موضوعة، ثم سمع الله قول هؤلاء الآيسين، وهبت لنا ريح طيبة من جهة رب العالمين إلى يومين، وكانت بالغاية ضعيفة بلا مين، ولكنه أخرج المركب من مجمع الجبال المستغرقة في الماء إلى ساحل النجاة.
ورأينا يوم السبت في المركب هلالَ ذي القعدة، ويوم الثالث منه تقوى الريح قليلاً، وجرى المركب.
ويوم الثلاثاء رابع ذي القعدة من السنة المذكورة بعد صلاة الصبح اغتسلنا وأحرمنا بالعمرة مع نية التمتع من محاذي "يَلَمْلَم"، وذهب عنا ما كنا نجده من