للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي وقاص يأمر بناته: بلبس القفازين، والحديث يرد عليه، وكأنه لم يبلغه، ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه، جاز بالاتفاق، وإن كان يمسه، فالصحيح أيضاً الجواز، ولا تُكلف المرأة أن تجافى سترتها عن الوجه، لا بعود، ولا يدِها, ولا غير ذلك؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى بين وجهها ويدها.

وأزواجُه - صلى الله عليه وسلم - كنَّ يُسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة، لو كان التجافي شرطاً، لبينه - صلى الله عليه وسلم -، والثوبُ المسدول لا يكاد يسلم من إصابته البشرة، ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إحرام المرأة في وجهها، وإنما قاله بعض السلف، ولا حجة فيه، نعم نهاهن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النقاب والقفازين، كما نهى المحرمَ أن يلبس القميص والخف، مع أنه يجوز له أن يستر يده ورجليه باتفاق الأئمة، والبرقُعُ أقوى من النقاب، فلهذا ينهى عنه باتفاقهم.

ويباح لها أن تلبس العصابة، والقميص، والبغلطاق، والسراويل، والخف، وغير ذلك مما كانت تلبسه قبل الإحرام، إلا أن الحنفية قالوا: تلبس المخيط غيرَ المصبوغ، فإن لبست المصبوغ، فعليها الفدية كفدية اللابس. وقال المالكية: إن الرجل والمرأة لا يلبسان المعصفر المقدم: وهو المشبَع من الصبغ، ولا المصبوغ بالورس والزعفران، وإن غسل وبقي أثره، فإن لبسَ الرجلُ والمرأة شيئاً من ذلك، افتدى.

ومذهب الشافعية والحنابلة: أن الفدية باللبس لا تتقيد بزمان مخصوص، ولا بالانتفاع، ولا بغير ذلك. وقال الحنفية: إنه إذا لبس يوماً كاملاً، أو ليلة كاملة، فعليه دم، وإن كان أقل من ذلك، فعليه صدقة نصفُ صاع من بُرّ، أو صاع من تمر أو شعير.

وعند المالكية: حيث تجب الفدية يعتبر انتفاعه من حر أو برد أو دوام؛ كاليوم، فلو لبس ونزع مكانه، فلا فدية. ولا يجوز للمحرم استعمالُ طيب إلا ما كان على بدنه أو ثوبه قبل الإحرام، وبقي بعده، فذلك هو الراجح جمعاً بين الأدلة.

قال الشوكاني: الحق أن المحرَّم من الطيب على المحرِم، هو ما تطيَّب به

<<  <   >  >>