ابتداءً بعد إحرامه، لا ما فعله عند إرادة الإحرام وبقي أثره لوناً وريحاً، ولا يصح أن يقال: لا يجوز استدامةُ الطيب، قياساً على عدم جواز استدامة اللباس؛ لأن استدامة اللبس ليس بخلاف استدامة الطيب، فليست بطيب، سلمنا استواء هما، فهذا قياس في مقابلة النص، وهو فاسد الاعتبار، انتهى.
والمالكية إنما يحرمون التطيب بما قويت رائحتُه؛ كالمسك، والكافور، والزعفران، دون ما لم تقوَ رائحته، ويحرم عند الشافعية والحنفية والمالكية على الرجل والمرأة دهنُ شعر الرأس، وعلى الرجل دهنُ اللحية بمطيّب؛ كدُهن البنفسج والورد، وغير مطيب؛ كالزيت والشيرج.
ومذهب الحنابلة: تحريم الادهان بالمطيب خاصة، ومذهب الثلاثة غير الحنفية: أن الفدية بالطيب لا يتقيد بعضو، وأن الفدية بالاكتحال بما فيه طيب لا يتقيد بالكثرة.
ويحرم عليها إزالة الشعر، أو قص أو نتف أو مَشْط، أو غير ذلك من سائر شعور البدن باتفاق الأربعة.
ويجوز له حكُّ جسده، وعليه أهل العلم، وكذا يجوز قطع الظفر الذي انكسر، وكذلك الحجامة والفصد إذا احتاج إلى ذلك، فقد ثبت في الصحيح: أنه - صلى الله عليه وسلم - احتجم في وسط رأسه وهو محرِم، ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر، فجاز أن يحلق شعراً لذلك إن احتاج إليه، وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره، وله أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق، وكذلك لغير الجنابة، ونظر ابن عمر في المرآة لشكوى كانت بعينه وهو محرم، وعليه أهل العلم، ويجوز له تظليل رأسه بثوب وغيره، وإليه ذهب الجمهور، وقال مالك وأحمد: لا يجوز، والحديث يرد عليهما؛ عن أم الحصين -رضي الله تعالى عنها- قالت: حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأيت: أسامة وبلالاً، وأحدهما آخذٌ بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - والآخر رافع ثوبه يستره من الحر. وفي رواية رافع: ثوبه على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - يظله من الشمس، رواهما أحمد، ومسلم.
قال ابن تيمية: فله أن يستظل تحت الشجرة والسقف، وفي الخِيَم، ونحو