والأفضلُ أن يحرم في نعلين إن تيسر، والنعل هي التي يقال لها: القاسومة، فإن لم يجد نعلين، لبس خفين، ويجوز عند الحنفية لبس الرموزة، والجمجم؛ خلافاً للثلاثة، والتجرد من اللباس واجبٌ في الإحرام ليسَ شرطاً فيه، فلو أحرم وعليه ثيابه، صح ذلك بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وباتفاق أئمة أهل العلم، وعليه أن ينزع اللباس المحظور.
٣ - الثالث: أن يتطيب في ثيابه وبدنه عند الشافعية والحنفية والحنابلة؛ خلافاً للمالكية، ولا بأس بطيب يبقى جرمُه بعد الإحرام، فقد رُئِي وبيص المسك على مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ الإحرام مما كان استعمله قبل الإحرام، وهو في حديث عائشة عند أبي داود، والترمذي، قال في "الفتح": وهو قول الجمهور، وقد تقدم الكلام في هذا.
٤ - والرابع: أن يصلي ركعتي الإحرام إن لم يكن وقت الكراهة، والأفضل عند الحنفية والحنابلة أن يحرم عقب الصلاة، إما فرضاً، وإما تطوعاً إن كان وقت تطوع في أحد القولين، وفي الآخر: إن كان يصلي فرضاً، أم عقبه، وإلا، فليس للإحرام صلاة تخصه، وهذا أرجح.
٥ - الخامس: أن يصبر بعد لبس الثياب حتى تنبعث به راحلته إن كان راكباً, أو يبدأ بالسير إن كان راجلاً، فعند ذلك ينوي الإحرام بالحج أو بالعمرة، قِراناً أو إفراداً أو تمتعاً كما أراد، ويكفي مجردُ النية لانعقاد الإحرام، ولا يكون المحرم محرماً بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته؛ فإن القصد ما زال في القلب منذ خرج من بلده، بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرِماً، وهذا هو الصحيح من القولين، والسنة: أن يقرن بالنية لفظ التلبية، وينبغي ألا يتكلم إلا بما يعنيه، كان شريح إذا أحرم كأنه الصخرة الصماء، ويستحب عند المالكية: ألا يذكر بلسانه ما أحرم به، خلافاً للثلاثة؛ فإنهم استحبوا ذلك، ويستحب عند الشافعية والحنفية والحنابلة: أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - عقب التلبية، ويسأل اللهَ رضوانَه والجنةَ، ويستعيذ به من النار، رواه الشافعي والدارقطني من حديث خزيمة بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.