للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - السادس: يُستحب تجديدُ التلبية وإكثارُها في الجملة باتفاق الأربعة في دوام الإحرام، خصوصاً عند اصطدام الرفاق، واجتماع الناس، وعند كل صعود وهبوط، وعند كل ركوب ونزول، ويلبي عند طلوع الشمس وغروبها، وأدبار الصلوات وإذا سمع ملبياً، وإذا أقبل الليل والنهار، وكذلك إذا فعل ما نُهي عنه رافعاً بها صوته بحيث لا يبح حلقه ولا يبهز؛ فإنه لا ينادي أصمَّ ولا غائباً، ولا بأس بها في المسجد الحرام، ومسجد الخيف، ومسجد الميقات؛ فإنها مَظِنَّة المناسك، وأما سائر المساجد، فلا بأس فيها بالتلبية من رفع صوت. عن السائب بن خلاد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتاني جبريل، فأمرني أن آمرَ أمتي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية" رواه الخمسة، وصححه الترمذي. قال المحلِّي: والمرأة لا ترفع صوتها، بل تقتصر على إسماع نفسها، فإن رفعت، كره، انتهى.

وفي الحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أضحى مؤمنٌ يلبي حتى تغرب الشمس إلا غابتْ ذنوبُه حتى يعود كما ولدته أُمه" ذكره العز بن جماعة، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أعجبه شيء، قال: "لبيك، إن العيش عيش الآخرة".

٧ - السابع: في التلبية وصفتها: عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه-: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة، أهلَّ، فقال: "لبيك اللهمَّ لبيك، لبيك لا شريكَ لكَ لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لكَ، والملكَ، لا شريك لك".

وكان عبد الله بن عمر يزيد مع هذا: لبيك لبيك وسعديك، والخيرُ بيديك، والرغباءُ إليك والعمل، متفق عليه. فهذه صفة التلبية، ومعناه: إجابةً بعد إجابة، أو إجابةً لازمةً.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إجابة دعوة الله حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره، كما ينقاد الذي لُبِّبَ وأُخذ تلبيبُه، والمعنى: إنا مجيبون لدعوتك، مستسلمون لحكمك، مطيعون لأمرك، مرة بعد مرة دائماً لا نزال على ذلك، والتلبيةُ شعارُ الحج، فأفضلُ الحج: العَجُّ والثجُّ، فالعجُّ: رفعُ الصوت بالتلبية، والثجُّ: إراقة دم الهدي، انتهى.

<<  <   >  >>