لأنهما على قواعد إبراهيم -عليه السلام-، دون الشاميين، فعلى هذا يكون للركن الأول فضيلتان: كونه الحجر الأسود، وكونه على قواعد إبراهيم -عليه السلام-، وللثاني الثانية فقط، وليس للآخرين شيء منهما، فكذلك يقبل الأول، ويستلم الثاني، ولا يُقَبَّل الآخران، ولا يُستلمان على رأي الجمهور.
٧ - السابع: يُستحب أن يقبل الحجرَ الأسود، وإليه ذهب الجمهور من الصحابة والتابعين وسائر العلماء، والتقبيلُ بالفم، والاستلامُ المسحُ باليد، فإن لم يستطع التقبيل، ولم يمكن استلامُه، وقف في مقابلته، وقَبَّل يديه، وإلا، أشار إليه. عن أبي الطفيل عامر ابن واثلة، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت، ويستلم الحجر بمِحْجَن معه، ويقبل المحجنَ، رواه مسلم، وأبو داود، وابن ماجه. وعن مالك: لا يقبل يده، وبه قال القاسم بن محمد بن أبي بكر، وفي رواية عند المالكية: يضع يده على فمه من غير تقبيل، والحديث والآثار ترد عليه.
قال الشوكاني: وقد استنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الحجر، وكذلك تقبيل المِحْجن: جواز تقبيل كلِّ من يستحق التعظيم من آدمي وغيره، وقد نقل الإِمام أحمد: أنه سئل عن تقبيل منبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستبعد بعضُ أصحابه صحةَ ذلك، ونُقل عن أبي الصيف اليماني أحدِ علماء مكة من الشافعية: جوازُ تقبيل المصحف، وأجزاء الحديث، وقبور الصالحين، كذا في "الفتح"، انتهى.
قلت: هذا الاستنباط غير مرضي عندي؛ فإنه لا يساعده دليل شرعي، والقياس على الحَجَر وتقبيلِه قياسٌ مفارق؛ لأن أعمال الحج خاصة به، ولا يقاس عليها شيء، وإلا كان السجود أيضاً لكل من يستحق التعظيم، فقد ثبت السجودُ على الحجر الأسود، كما ثبت التقبيل كما سيأتي.
٨ - الثامن: يُستحب السجدة عليه عند الشافعية والحنفية؛ لحديث ابن عباس موقوفاً: أنه كان يقبل الحجرَ الأسودَ، ويسجد عليه، أخرجه الشافعي، والبيهقي، ورواه الحاكم والبيهقي من حديثه مرفوعاً، وروى أبو داود الطيالسي، والدارمي، وابن خزيمة، وأبو بكر البزار، وأبو علي بن السكن، والبيهقي بإسناد متصل إلى ابن عباس: أنه رأى عمر يقبله ويسجد عليه، ثم قال: رأيت