للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالوجوب لأنها بيان لمجمل، وعلى بعضها بعدمه، تحكُّمٌ محضٌ؛ لفقد دليل يدل على الفرق بينهما، انتهى. ويجوز أن يطوف من وراء قبة زمزم وما وراءها من السقاية المتصلة بحيطان المسجد، ولو صلى المصلي والناس يطوفون أمامه، لم يكره، سواء مرَّ أمامه رجل أو امرأة، وهذا من خصائص الحرم مكة.

وإذا فرغ من ذلك، ينبغي أن يصلي خلف المقام ركعتين، يقرأ في الأولى: قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية: الإخلاص، عند الشافعية، والحنفية، والحنابلة؛ كما أخرجه البزار عن جابر مرفوعاً، وفيه: أنه جهر فيهما بقراءته نهاراً، فالجهر فيها السنة ليلاً ونهاراً، وهما ركعتا الطواف، وهما سنتان عند الشافعي، واجبتان عند أبي حنيفة، لا تجبران بدم، وعند المالكية: تُجبران به، ولما فعلهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تلا قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥] فأفهم أَن الآية آمِرَة بها، والمراد بمقام إبراهيم: الذي فيه أثر قدمه، وهو موجود الآن.

قال الزهري: مضت السنَّةُ أن يُصلي لكل سَبعْ ركعتين، وإن فرق بين الأسابيع، وصلى ركعتين، جاز، فعل ذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكلُّ أسبوع طوافٌ، ولْيدعُ بعد ركعتي الطواف بما شاء؛ فإن الدعاء يستجاب خلف المقام، ويصليهما عند الحنفية في وقت يُباح له أداءُ التطوع فيه، وعند الشافعية: هي صلاة لها سبب، فتباح في هذين الوقتين، وهو ظاهر الحديث، ثم لْيعدْ إلى الحَجَر، وليستلمه، وليختم به الطواف، والواجب أن يستكمل عدد الطواف سبعاً بجميع البيت، والمرأةُ كالرجل في الطواف، إلا أنها لا ترمْلُ، ولا تضطبع، بالاتفاق، ولا يُستحب لها تقبيلٌ ولا استلام إلا عند خلوِّ المطاف، بالاتفاق.

وكانت عائشة -رضي الله تعالى عنها- تطوف ناحية عن الرجال، لا تخالطهم، ولتحترز المرأة في طوافها من كشف عورتها, ولتحترز الحرة من كشف قدمها؛ للخروج من خلاف العلماء؛ فإن مذهب الشافعية والحنابلة: أنه لا يصح طوافُها وشيء من قدمها مكشوفٌ؛ خلافاً للحنفية والمالكية، ومن المنكرات بالاتفاق ما يفعله كثير من الجهلة في زماننا من مزاحمة الرجال

<<  <   >  >>