للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بديعة، وقرر فيها قواعد الإسلام، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية، وقرر فيها المحرَّمات التي اتفقت الملل على تحريمها، وهي: الدماء، والأموال، والأعراض، وغيرها من الأحكام.

ومذهب الشافعية: أنه يُسن الجمعُ بين هاتين الصلاتين جمعَ تقديم للمسافر سفراً طويلاً دونَ غيره الماكثين والمقيمين، وهو مذهب الحنابلة، ومذهب الحنفية، والمالكية: أن الجمع سنةٌ لكل أحد، لكن شَرطُ جوازِه عند أبي حنيفة أداءُ الصلاتين بجماعة إمامها الأعظم، أو نائبه، والإحرام بالحج، ومذهب الشافعية، والحنفية، والحنابلة: أنه لا يجوز قصرُهما إلا للمسافر مسافة القصر، ومذهب المالكية: أنه يقصر بعرفة غيرُ أهلها، ويتمُّ أهلُها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا قضى الخطبةَ، أذن المؤذنُ، وأقام، ثم يصلي كما جاءت بذلك السنة، ويصلي بعرفة ومزدلفة ومنى، وكذلك كانوا يفعلون خلف أبي بكر وعمر، ولم يأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه أحداً من أهل مكة أن يُتموا الصلاة، ولا قالوا لهم بعرفة ومزدلفة: أتموا صلاتكم؛ فإنَّا قوم سفر، ومن حكى ذلك عنهم، فقد أخطأ، ولكن المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن عمر: أنه قال ذلك لما صلى بهم في جوف مكة.

وإنما نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال في غزوة الفتح لما صلى بهم بمكة، وأما في حجه، فإنه لم ينزل بمكة، ولكن خارجَ مكة، وهناك كان يصلي بأصحابه، ثم لما خرج إلى منى وعرفة، خرج معه أهلُ مكة وغيرُهم، ولما رجع من عرفة، رجعوا معه، ولما صلى بهم بمنى أيامَ منى، صلوا معه، ولم يقل لهم: أتموا صلاتكم؛ فإنا قوم سفر.

ولم يَحُدَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - السفرَ لا بمسافة ولا بزمان، ولم يكن بمنى أحد ساكناً في زمنه، ولهذا قال: "منى مُناخ مَنْ سبق"، ولكن قيل: إنها سُكنت في خلافة عثمان -رضي الله تعالى عنه-، وأنه بسبب ذلك أتمَّ عثمان الصلاة؛ لأنه كان يرى أن ينزل بمكان لا يحتاج فيه إلى حمل الزاد والمزاد، وكان يرى أن المسافر يحمل الزاد والمزاد.

<<  <   >  >>