للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مريم في قولها: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} (١) ليسَ إلى إِفَادةِ فائدة الخبر، ولا إلى إِفادةِ لازمها؛ لشُمولِ علمِ الله -تعالى-؛ بلْ إلى إظهارِ التَّحسُّرِ، وإنشاء (٢) التَّأسُّفِ، أوْ غيرِه (٣)، وَكَم مِثلها فِي القرآن! (٤).

ومن حقِّ الكلامِ عقلًا، أي: العقلُ يَحْكُم بأن حقَّ الكلامِ أن يكونَ بقدرِ الحاجةِ، مُفْرَغًا فِي قالب (٥) المراد، لا أزْيَد وإلَّا كان (٦) هَذَرًا (٧)، ولا أنقصَ وإلَّا كان (٨) حَصَرًا (٩).


(١) سورة آل عمران، من الآية: ٣٦.
(٢) هكذا في الأصل. وفي أ: "إفشاء" وهو تحريفٌ ظاهر. والكلمة ساقطة في ب.
(٣) وهو بذلك يشير إلى أنَّ الخبر يأتي لغير الغرضين الأصليين -فائدة الخبر، لازم الفائدة-؛ بل يأتي لأغراض أخرى تُفهم من السِّياق وقرائن الأحوال، وتعرف بالأغراض النّوعيّة للخبر؛ منها: إظهار التحسّر وإنشاء التأسّف؛ الذي أشار إليه الشّارح في خبر أمِّ مريم -عليها السّلام-.
(٤) خالف المصنِّف -رحمه الله- صاحبَ المفتاح بتأخيره الحديث عن أغراض الخبر وكان حقّه أن يُذكر حيث يُذكر مرجعُ الخبر والصِّدق واحتمالهما -كما فعل السَّكَّاكيّ-، وإنّما أخَّره -ها هنا- ليبني عليه الكلام في الاحتياج إلى تأكيد الإسناد وعدمه؛ وهو الّذي بدأه بقوله: "ومن حقِّ الكلام عقلًا".
(٥) القالِبُ والقالبُ -بدون إضافة-: الشَّيءُ الّذي تُفْرغ فيه الجواهر؛ ليكون مثالًا لما يُصاغ منها. اللسان: (قلب): (١/ ٦٨٩).
(٦) في أ، ب: "لكان"، ولا يستقيم معها السِّياق إلا بتأويل، هو تقدير "إن" قائمة مقام لو.
(٧) الهَذَرُ: الكلامُ الَّذي لا يُعْبأُ به، والهَذَرُ: الكثيرُ الرَّدئ، وقيل: سقط الكلام.
اللِّسان: (هذر): (٥/ ٢٥٩).
(٨) في أ، ب: "لكان"، ولا يستقيم معها السِّياق إلا بتأويل؛ هو تقدير "إن" قائمة مقام لو.
(٩) الحَصَرُ: ضَرْبٌ من العِيِّ. اللِّسان: (حصر): (٤/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>