للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالخطابُ بالخبرِ إمَّا (١) مع خالي الذِّهن عن الحُكْمِ بأحدِ طرَفي الحبرِ على الآخرِ نَفْيًا (٢) أَوْ إِثْبَاتًا، وعن (٣) التَّرددِ فيه؛ فَيُجَرَّدُ عن المُؤَكِّداتِ، ولا يُشَمّ رَائحتُها، وَكَفى في انْتِقاشِ (٤) ذِهْن المُخَاطبِ حِينئذٍ بالحُكْم مُجَرَّدُ الإسناد؛ لمصادفتهِ (٥) خاليًا؛ فإنّ المحلَّ الخَالي (٦) إذا كانَ فارِغًا تمكَّنَ فيه نقشٌ يَرِدُ عليه أشدّ تَمَكُّنٍ:

أَتَانِي هَوَاهَا قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الْهَوَى ... فَصَادَفَ قَلبي خَالِيًا فَتَمَكَّنَا (٧)


(١) هذا شروع في بيان أنواع الخبر من حيث التَّأكيد وعدمه بالنَّظر إلى المخاطب، وهو ما يُعرف -بلاغة- بأضرب الخبر: "الابتدائيِّ، الطبيِّ، الإنكاريّ".
(٢) في أ، ب: "وإثباتًا" بالعطف بالواو؛ دون "أو".
(٣) في أ: "أو عن" بالعطف بأَوْ. و"عن" ساقطةٌ من ب.
(٤) الانتقاش- في الأصل: ما يحدثه النَّقَّاشُ على فصّ الخاتم. ينظر: اللِّسان: (نقش): (٦/ ٣٥٩)، واستعارته هنا لما يوقع في الذِّهن.
(٥) أي: ذهن المخاطب.
(٦) كلمة: "الخالي" ساقطة من: أ، ب، وحذفها هو الأنسب؛ للسَّلامة من التَّكرار؛ لأنَّ الخالي لا يكون إلَّا فارغًا.
(٧) البيتُ من الطَّويل، والاستشهاد به معنويّ. وقد اختلفت المصادرُ النّاقلة له في تحديد قائله، وفي روايته؛ حيث ورد عند الجاحظ منسوبًا إلى مجنون بني عامر؛ برواية: "قلبي فارغًا" في البيان والتّبيين؛ للجاحظ: (٢/ ٤١ - ٤٢)، ورواية: "قلبًا خاليًا" في الحيوان: (١/ ١٦٩، ٤/ ١٦٧)، وبهذه الرّواية منسوبًا إلى ديك الجن؛ عبد السّلام بن رغبان في ديوانه: (١٠٨)، كما ورد في عيون الأخبار؛ لابن قتيبة: (٣/ ٩) منسوبًا إلى عمر بن أبي ربيعة؛ برواية: "قلبًا فارغًا"، ووردَ -أيضًا- منسوبًا إلى ابن الطّثريّة في الموازنة: =

<<  <  ج: ص:  >  >>