للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حينَ (١) جاء آخذًا رُمْحَه بالعَرْض؛ غير مُلتفِتٍ إلى القرْنِ المكافح (٢)، حَتَّى يَجْعل طرفَ الرُّمح إليه، مغرُورًا بشجاعته؛ فنزَّلهُ الشَّاعرُ لهذا منْزلةَ من يُنكِرُ أنَّ في بني عمِّه أُهْبَةَ (٣) الْحَرْب؛ من الرِّماح وسائرِ السِّلاح، ويعتقدُ كون كُلِّهم عُزْلًا (٤).

والحاصلُ: أنَّه يجبُ أَنْ يكونَ لباسُ (٥) الكلامِ على قَدِّ (٦) المقام؛ لا زائدًا ولا ناقصًا، ووضعُ الخبر ليعتقدَ المخاطبُ مضمونَه؛ فحَقُّهُ أن يُخاطبَ به من لا يَعْتقدُه (٧)؛ وهو إِمَّا غيرُ مُتَصوّرٍ له (٨)، أَوْ مُتصوّرٌ مَع تجويزِ نقيضِه (٩) أَوْ مع اعتقادِه (١٠).


(١) كلمة "حين" ساقطة من ب.
(٢) هكذا في الأصل، وفي أ، ب، مفتاح العلوم: "المكاوح". ولفظة الأصل أولى وأصدق على المقام؛ لأَنَّ المكافحة: "المضاربة والمدافعة تلقاء الوجوه". وهذا ما يتحقّق مع حمل الرُّمح ورأسه للخصم. أمَّا المكاوحة فإنَّها لا تتجاوز معنى المقاتلة والمغالبة.
ينظر: اللِّسان: (كفح): (٢/ ٥٧٣)، و (كوح): (٢/ ٥٧٥).
(٣) الأُهْبَةُ: العُدَّةُ. وأُهْبَةُ الحربِ: عُدّتها. اللِّسان: (أهب): (١/ ٢١٧).
(٤) في أزيادة: "لا سلاح لهم" والسِّياق تامّ بدونها لكونه تفسيرًا لقوله: "عزلًا".
(٥) في الأصل: "أساس" والصّواب من أ، ب. إذْ ربْطُ المطابقة بأساس الكلام يوحي بوجود فضلة لا يُعتدّ بها في مطابقة الكلام لمقتضى الحال. والبلاغةُ تمنعُ ذلك.
(٦) في الأصل: "قدر". والمثبت من أ، ب؛ إذ هو المناسب للِّباس المتقدّم.
(٧) في ب: "لا يعتقد".
(٨) وهو خالي الذّهن.
(٩) وهو التردِّد.
(١٠) أي: اعتقاد النّقيض؛ وهو المنكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>