ومنهم من أورده شاهدًا لتقديم السند إليه؛ كما هو الحال عند القزويني ومن لف لفه ممّن تأخير عنه، وفي بيان وجهة نظرهم يقول القزوينِي: (الإيضاح: ٢/ ٥١): "وأمّا تقديمه فلكون ذكره أهمّ؛ إمَّا لأنه الأَصل ولا مقتضى للعدول عنه، وإما ليتمكن في ذهن السّامع؛ وإن في المبتدأ تشويقًا إليه؛ كقوله: والَّذي حَارَت البرية فِيهِ ... حَيَوان مُسْتَحْدَثٌ من جَمَاد وهذا أَوْلَى من جعله شاهدًا لكون السند إليه موصولًا؛ كما فعل السَّكاكيُّ". والّذي يترجّح لي -والله أعلم- أن النُّكت البلاغية لا تتزاحم، وليس من مانع على أن يكون البيت شاهدًا على الحالين؛ كما فعله السُّيوطيّ -رحمه الله- في شرح عقود الجمان: ص (١٧، ٢٣)؛ إذ أورده شاهدًا عليهما. (١) رجّح سعد الدّين التفتازاني وبعض من جاء بعدَه من البلاغيين أنّ المراد بالحيوان المستحدث من الجماد: الإنسان؛ إما من حيث عوده بعد الفناء، أو حياته بالروح وموته بمفارقتها، بدليل السياق قبل البيت وبعده؛ أما قبله؛ فقوله: بأن أمرُ الإلهِ واختلفَ النَّاس ... فداعٍ إلى ضَلالٍ وهَادِي وأمّا بعده؛ فقوله: فاللبيبُ اللبيبُ من ليسَ يَغترُّ ... يكون مَصِيره للفَسادِ =