للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا يَخُصُّه (١) غيرُ متعدٍ إلى من سواه؛ هذه إشارةٌ إلى فائدةِ الالتفاتِ الثَّالث هذا؛ أي: هذا الذي ذُكر إنّما ذُكر ليُعلمَ أنْ لا يُعترف بالبلاغةِ لمن لا لطائفَ في افتناناته (٢).

قوله: "يُعترفُ" بالرَّفْع؛ أي: أنَّه (٣) لا يُعترفُ؛ لأنّ "أنْ" (٤) المذكورة بعدَ العلم مخفّفةٌ من الثّقيلة، وليست بناصبة؛ أي: لِيُعلم (٥) أن الفحولَ البُزْلَ (٦) لا يقيمونَ لكلامٍ وزنًا، ولا يعترفونَ بالبلاغةِ


(١) أي: كل ما ذكر في الالتفاتات المتقدِّمة؛ من جعل نفسه ثكلى لقلّة تصبّره، ومن ظنّه نفسه غيره لجزعه، ومن دهشه عن ما يقتضيه الظّاهر لشدَّة ما أصابه، ومن توبيخه نفسه لغيظه، وما ترتّب على ذلك في الالتفات الثّاني؛ كلّ ما تقدّم ليُعْلِم ابن حجر سامعَه أنّ ما ذكر متعلّق به دون غيرِه.
وجاء هذا الإعلام في النِّهاية موافقًا للظّاهر؛ بالحكاية عن نفسه؛ لأنّه قد زال موجب العدول عن الظّاهر بالتَّسلية والإفاقة والعتاب.
(٢) على أنّ كل ما تقدّم من توجيه الالتفاتات في أبيات ابن حجر لا يخلو من تكلّف ظاهر -في نظري-؛ بدليل تعدّد التَّوجيهات واختلافها -بحسب تصوّر الموقف وأبعاده- في نظر موجهيها، ومحال أن تتداعى كل تلك الأفكار أو حتّى بعضها في ذهن ابن حجر؛ ليعالجها -بتلك البراعة- وفق ما ذكر، وبخاصة مع مفاجأته بالنّبأ. هذا إذا سلّمنا بأنه قال أبياته بمجرّد طروقه الخبر؛ كما تنبي عنه التَّوجيهات السَّابقة. على أن النَّصَّ من حيث كونه نصًّا محتملٌ لكلّ ما ذكر.
(٣) في ب: "لأنّه" وهو تحريف بالزِّيادة. وضمير الشّأن اسم أنَّ.
(٤) "أن" ساقطة من ب.
(٥) في ب: "العلم" وهو خطأ ظاهر.
(٦) البُزْل: جمع بازل؛ وهو المسنّ من الإبل. وقد قالوا: رجل بازل على التَّشبيه =

<<  <  ج: ص:  >  >>