للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَذنيباتٌ:

الأَوَّلُ: قدْ يُتَسامحُ؛ أي: في وجه الشَّبه، إذا ذُكرَ وجهُ الشَّبهِ. وهو أمرٌ اعتباريٌّ لا حقيقيٌّ؛ كما يُقالُ: كلامٌ كالماءِ في السَّلاسَةِ، والعسلِ في الحلاوة، والنَّسيمِ في الرِّقَّة، فتذكر الحلاوةَ والسَّلاسةَ والرِّقةَ لوجه الشّبهِ؛ مع أن وجهَ الشّبه: لازمُ الحلاوةِ؛ وهو ميْلُ الطَّبع إليها، ومحبّةُ النَّفس ورودها عليها، ولازمُ السَّلاسةِ والرِّقَّةِ؛ وهو إفادةُ النَّفسِ نشاطًا والقلبِ رَوْحًا؛ لأَنَّ شأنَ النَّفسِ مع ذلك الكلامِ كشَأنها مع العَسلِ الشَّهيِّ في ميلِ الطَّبع إليه، ومحبّةِ ورودِه عليها، أَوْ مع الماءِ الَّذي يَنْساغُ في الحَلْقِ (١). وينحدر فيه أَجْلب انحدارٍ للرَّاحة، أَوْ مع النَّسيم الَّذي يَسْري في البَدَنِ؛ فيتخلّلُ السالِكَ اللَّطيفةَ منه في إفادتهما للنَّفسِ نشاطًا والقلبِ روحًا (٢).

الثَّاني: ومن التَّسامح ما قُلْنا: إِنَّ وجهَ الشَّبه منه (٣) حسّيٌّ؛ حيثُ قلنا: وجهُ الشَّبه إِمَّا حسِّيٌّ، وإمّا عقليٌّ؛ مع أنّ المحسوسَ لا يكونُ إلّا


(١) في الأَصل: "القلب" والصَّواب من أ، ب. المفتاح.
(٢) يلحظ أن المصنف -رحمه الله- خالف السَّكَّاكيّ في ترتيبه لأوجه الشّبه حيثُ وسَّط العسلَ بين الماء والنَّسيم. بينما سار الشّارح -رحمه الله- في شرحه بحسب ترتيب السَّكَّاكيّ. ولعلَّه رأى أنَّ ترتيبَه أَوْلَى وبخاصّة أَنَّ الأخيرين: "الماءَ والنَّسيمَ" مرتبطان في التَّلازم.
(٣) هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ: "أمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>