للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيرادُه لتعريفِ شيخهِ الإيجيِّ للأمر، وأَنَّه (١) "اقتضاء الفعلِ بالقولِ استعلاءً"، وشَرحه إِيَّاه وعدم تسجيلِ أيِّ اعتراضٍ عليه إلا في موافقتهِ المعتزلةِ في القَيْد الأَخير (الاستعلاء)، واعتذاره عن تلك الموافقةِ بقوله (٢): "وذكره هذا من حيثُ متابعتُه السَّكاكيَّ وإلّا فعندَه -كمَا هُو مذهبُ أهلِ السُّنَّة- لا دخل للاسْتعِلاءِ في مَفْهومِ الأَمر".

وباعتذارِه عن القيدِ الأخير وتَسْليمه ببقيَّة القيودِ فإنَّه يقف جنبًا إلى جنب مع الأشَاعرة؛ الذين يسمون الأَمر بأَنه "اقتضاءُ الفعلِ بالقَول" انْطلاقًا من مُعتقدهم في كلامِ الله سبْحانه وتعالى أنَّه معنى قائمٌ بنفسهِ. ولا يغرنّك قوله "كما هُو مذهب أهل السنة"؛ فإن الأشاعرة كثيرًا ما يُطْلقون عَلى أَنْفسهم "أهل السنة"، وبخاصَّةٍ عندما يكونون في مُواجهةِ المُعتزلة (٣).

أَضف إلى ذَلك أَنه عُنيَ عناية خَاصَّةً بمؤلّفاتِ شيخه الإيجيّ -أحدِ أقطابِ الأشاعرة في زمانِه-، وأَشْبعها دَرسًا وشرحًا، ولَم يُنقَل


(١) قسم التّحقيق من هذا البحث ص (٥٩٥).
(٢) قسم التّحقيق من هذا البحث ص (٥٩٥ - ٥٩٦).
(٣) والحقُّ أن للأشاعرة جهدًا محمودًا وسعيًا مشكورًا في الدِّفاع عن السنَّة وبخاصَّة أمام الباطنية والرّافضة والفلاسفة؛ في هتك أسرارهم وكشف أستارهم. يقول شيخ الإسلام في درء التعارض (٨/ ٢٧٥): "فإن الواحد من هؤلاء له مساع مشكورة في نصر ما نصره من الإسلام، والرَّدِّ على طوائف من المخالفين لما جاء به الرّسول؛ فحمدهم والثناء عليهم بما لهم من السّعي الدّاخل في طاعة الله ورسوله وإظهار العلم الصحيح ... وما من أحدٍ من هؤلاء ومن هو أفضل منه إلا وله غلط في مواضع".
وينظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، د. مانع الجهني: (١/ ٨٧ - ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>