على انتصابه على الحال أن الأسماء التي لا تكون ظروفاً تقع ههنا وتنتصب على الحال، فكما ينتصب ما يكون غير ظرف على الحال، كذلك ينتصب ما يكون ظرفاً عليها، وتقديره إذا انتصب على الحال: الحرب مبتدأةً فتيةٌ.
وأجاز أبو عمر انتصابه على الظرف. وقوله "أي: الحرب فتيةٌ إذا كانت في ذلك الحين"، إنما مثله هذا التمثيل ليُعلم أن ما تعلق به الحال معمول "فتية" دون "الحرف"؛ لأن إيقاعه بعده كأنه أشد إيضاحاً بهذا المعنى وأبين.
فإن قلت: لا يدل قوله "أي: الحرب فتيةٌ إذا كانت في ذلك الحين" على أن "أول" ينتصب عنده على الظرف؛ لتمثيله إياه بما هو ظرف.
قيل: لما نص عليه بعد، ولأن قوله "في ذلك الحين" وإن كان فيه ما يكون ظرفاً، فإنه لا يمتنع أن يقع حالاً، والحال تمتنع أن تقع ظرفاً.
قال:"وبعضهم يقول:
الحرب أول ما تكون فتيةٌ ... ......................
كأنه قال: الحرب أولها إذا كانت فتيةٌ، كما تقول: عبد الله أحسن ما يكون قائماً". تجعل "قائماً" خبر "أحسن" في المعنى.
قوله:"كأنه قال: الحرب أولها إذا كانت فتيةً"، إنما أضاف الأول إلى الضمير لتعلم بذلك أنه ليس لـ"تكون" من قوله "أول ما تكون" عمل في "فتيةً"؛ ألا ترى أن الضمير المضاف إليه "أول" لا يجوز أن يعمل في حال، فكما لم يعمل في الحال هذا الضمير، فكذلك إذا أظهر ما هذا الضمير في موضعه لم يعمل فيها، وإذا لم يعمل "تكون" في هذه الحال، كان "اول" في قولك "الحرب أول ما تكون فتيةً" مرتفعاً بأنه مبتدأ ثانٍ، وهو عبارة عن حدث؛ لأنه مضاف إلى حدث هو بعضها. وإذا كان كذلك لم يمتنع أن يكون ظرف الزمان خبراً عنه، وإذا صار خبراً عنه أضيف إلى الفعل المنتصب عنه "فُتَيَّةً" على