للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"جمعت الناس" و "أجمعت الرأي" وفي التنزيل {جامع الناس} وفيه {فأجمعوا أمركم وشركاءكم}. ولو قلت: قرأت الناس، وقرأت الرأي على هذا/ الحد لم يُسغ، فلما دخل قولنا "القرآن" هذا الاختصاص الذي دخله حسن التكرير، كما أنك إذا قلت: أعلمت زيداً وأنذرته حسن ذلك، ولم يكن بمنزلة قولك "أعلمت زيداً أعلمته" لاختصاص الإنذار بمعنى التخويف المتعري منه "أعلمت"؛ ألا ترى أن كل مُنذرٍ مُعلمٌ وإن لم يكن كل مُعلمٍ مُنذراً، فكما أن الإنذار أخصُّ من الإعلام، فكذلك "قرأت" أخص من "جمعت"، كما أن "ضممت" أخص منه، [و] إذا كان المعنى الواحد إذا جاء بلفظين مختلفين قد جاء واستجيز استعمالهما نحو "أقوى" و "أقفر"، فهذا النحو الذي يختص فيه إحدى الكلمتين بمعنى ليس في الأخرى أجدر أن يُستحسن وأولى أن يُستعمل.

فإن قال قائل: فما تُنكر أن يكون ما تأولناه في قول ابن عباس في قوله تعالى {إن علينا جمعه وقرآنه}: "إذا بيناه لك بالقراءة فاعمل بما بيناه لك بالقراءة". أولى من قول قتادة وأبي عُبيدة في قوله تعالى {إن علينا جمعه وقرآنه}: "إنه حفظه وتأليفه" بدلالة أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم في غير آية من تنزيله باتباع ما أُوحي إليه، ولم يُرخص له في ترك اتباع

<<  <   >  >>