شيء من أمره إلى وقت تأليفه القرآن له، ولو وجب أن يكون معنى قوله {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}: فإذا ألفناه فاتبع ما ألفناه لك فيه، لوجب أن لا يكون كان لزمه فرض {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، ولا فرض {يا أيها المدبر* قم فأنذر} قبل أن يؤلف ذلك إلى غيره من القرآن، وذلك - إن قاله قائل- خروج من قول أهل الملة.
فالقول: إن هذا الذي ذكره السائل لا يلزم له أن يكون التأويل الذي ذكره أولى من قول قتادة، وذلك أن قوله {يا أيها المدير * قم فأنذر} و {اقرأ باسم ربك} قرآن في الاسم والحكم، وإذا كان كذلك كان داخلاً تحت قوله تعالى {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} قبل أن يُضم إلى غيره، كما أنه بعد ذلك واقع تحته. على أن قوله تعالى {فإذا قرأناه} لا يدل على أنه إذا لم يجمع إلى غيره؛ ألا ترى أنه قد جاء {فإن لم يكونا رجُلين فرجلٌ وامرأتان ممن ترضون من الشهداء}، وقال {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً} ولو وجد رجلين فعداهما وعدل عنهما مع وجوده لهما، وأشهد رجلاً وامرأتين، لكان ذلك جائزاً له غير مضيق عليه. فكذلك نحو قوله {اقرأ باسم ربك الذي خلق} و {يا أيها المدثر* قم فأنذر} لا يلزمك ألا يجب اتباعه قبل أن يضم إليه غيره من الآي، وإن كان قد جاء {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}. فإذا كان كذلك ثبت صحة قول قتادة وما تأوله أبو عبيدة من قوله {فاتبع قرآنه}: إنما هو جمعه لما استشهد به على ذلك من قولهم: "ما قرأت هذه الناقة سلى