للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{ويستأذن فريقٌ منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة} دليلاً على أنهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ترك الإتيان والوقوف معه، فكأن المعنى: ويستأذن فريق منهم النبي في أن لا يأتوه لاشتغالهم بحفظ بيوتهم المعورة في زعمهم، {ولو دخلت عليهم من أقطارها} أي: لو بلغ من إعوار البيوت أن دُخل عليهم من جوانبها كلها لفرط إعوارها، ثم سئلوا معونة العدو على المسلمين لأتوها وأسرعوا إليها، ولم يعتلوا عليهم أن بيوتهم عورة، كما اعتلوا به في إرادتهم تأخرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ونصرهم، فالمعنى: يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم في أن يقعدوا عنه ولا يأتون، وهم يأتون العدو لينصروهم ويعينوهم على المسلمين لو سألوهم، فالقراءة بـ {أتوها} أشكل بما قبله وما بعده، وأشبه بالقصة؛ لأن القصة في تركهم نصرة النبي عليه السلام وقعودهم عنهم؛ ألا ترى أن بعدها {ولا يأتون البأس إلا قليلاً}.

ومن قرأ {لآتوها} يريد: لأعطوها، فهو في المعنى راجع إلى هذا؛ لأن إعطاءهم الفتنة معونتُهم على المسلمين، وإتيانُهم للعدو لهم ناصرين، فـ {أتوها} أشد إبانة للمعنى المراد.

وهذه الآية في المعنى قريبة من قوله {فترى الذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم} أي: في نصرهم، {يقولون نخشى أن تُصيبنا دائرةٌ}، فقوله {يسارعون فيهم} مثلُ {ثم سُئلوا الفتنة لآتوها}؛ لأن في الموضعين

<<  <   >  >>