وقد يجيء على قول أبي الحسن أن يحتج بأن هذا جمع، و"رثاء" واحد، فاحتمل الهمزات لخفة الواحد، كما احتمل "عتوّ" وبابه الواوين، ولم يحتملهما نحو "عصيّ، وحقيّ".
ولسيبويه أن يقول: إن إعلال الواو في "عصي" ونحوه لا يدل على أنه إنما فعل ذلك لأنها أثقل عندهم من الآحاد؛ لأن هذا القلب قد جاء أيضاً في الآحاد؛ ألا ترى أنه قد جاء في التنزيل {وكان عند ربه مرضياً}، وجاء في موضع فيه {من الكبر عتياً} وفي مكان آخر {عتواً}. وقالوا "مسنيّة"، وهو من قولهم: يسنوها المطر. فإذا جاء هذا في الآحاد مجيئه في الجموع، لم يكن للجمع في ذلك مزية ليست للآحاد. وأيضاً فإن الهمزة في "رثاء" لم تقلب وإن كانت قد قلبت في "ذوائب"؛ لأن الهمزة الثانية في "رثاء" لما كانت بدلاً غير لازمة، كانت بمنزلة المبدل منه؛ ألا ترى أن الهمزة في "صحراء" وبابه لما لم تكن لازمة كانت بمنزلة الألف التي هي بدل منها في منع الصرف، كما كانت الهمزة في "علباءٍ" بمنزلة الياء التي هي بدل منها، وكما كانت الهاء في "هراق" بمنزلة الهمزة، فلو سميت بـ "هراق" مذكراً