للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ إذَا فَارَقَهَا بَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَاسْتَأْنَفَتْهَا لِلثَّانِي وَلِلثَّانِي


قوله: (ثم إذا فارقها بنت على عدتها من الأول ... إلخ) ليس هذا أيضا مكررًا مع ما تقدم أول الفصل؛ لإفادتِه هنا وقت انقطاع عدة الأول، وأنها تنقطعُ بالوطء لا بالعقد، ووقتَ الشروع في التتمة، وأنها تشرع في التتمة وقت فراق الثاني، لا وقت تركه الوطء، وأنه يجوز للثاني أن ينكحها بعد العدتين، ولم تُعلم هذه الأمورُ مما تقدم. ثم اعلم: أن قوله: (وللثاني أن ينكحها بعد العدتين) دل بمنطوقه على أنه يجوز للواطيء الثاني بالنكاح في العدة أن يعقد عليها بعد فراغ عدته وعدة الأول، وهذا ظاهرٌ لا إشكال فيه، فإنها بعد فراغ العدتين، تحل لكل الأزواج، ومفهوم قوله: (بعد العدتين) أنه لا يجوز أن ينكحها قبل العدتين. فأما قبل انقضاء عدة الأول فظاهر؛ لأنه لو عقد عليها، لكان ناكحًا معتدَّة الغير، وهو لا يجوز. وأما بعد فراغ عدة الأول وقبل انقضاء عدة، فإن كان عالما ببطلان النكاح، فهو زان، وهي في عدة الزنا. وقد تقدم في محرمات النكاح: أن الزانية تحرم علي الزاني وغيره حتى تنقضي عدتها. وإن كان جاهلا ببطلان النكاح، فوطؤه وطء شبهةٍ، والنسب لا حق فيه، فهي كالمعتدة من نكاحه، بخلاف المعتدة من الزنا؛ لعدم لحوق النسب فيه، فالظاهر: جواز عقده عليها في عدة وطء الشبهة منه؛ لتصريحهم في محرمات النكاح بحل المعتدة منه إذا كان يلحقه نسبُ ولدها. ومفهوم قوله: (وللثاني): أنه يجوزُ للأول أن ينكحها قبل انقضاءِ العدتين، وهو ظاهر إن عقد عليها قبل انقضاء عدة نفسه، لا بعدها في عدة الثاني. فتدبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>