قوله: (وإن جذب الأول الثاني ... ) إلى قوله: (والثاني على الأول والثالث) قد يتوقف في وجه هذا الكلام، فإن مقتضى الظاهر: أن تكون دية الثاني على الأول الجاذب له، وعلى الرابع، لوقوعِهِ من غير جذب الثاني، وأما الثالث فالجاذب له هو الثاني، فكان ينبغي أن يكون وقوعُهُ غير مضمونٍ، وقد يوجه ما ذكره المصنِّف، بأن السبب في وقوع الرابع هو الثالث الجاذب له، فضمن ما حصل بسببه، فلهذا صارت دية الثاني - كما قال المصنف - على الأول والثالث نصفين. أما الأول: فلجذبه الثاني، وأما الثالث: فهو وإن كان مجذوبا للثاني، لكنه جذب الرابع، فضمن ما لزم بسببه، ومن هنا يظهر وجه ما ذكره المصنف أيضًا من قوله: (ودية الأول على الثاني والثالث نصفين). فإنما أوجبنا على الثاني نصف الدية مع كونه مجذوبًا للأول، لكونه ضمن ما حصل بسبب الثالث، لجذب الثاني له، وأوجبنا على الثالث النصف الآخر مع كونه مجذوبًا، لكونه ضمن ما حصل بسبب الرابع المجذوب للثالث، فتدبر هذا. فلعلك لا تجده في كتاب، بل هو مما فتح به الكريم الوهاب. قوله بخطه على قوله: (والثاني الثالث) ولكن هل يضمن الجاذب والدافع ما لزم المجذوب، والمدفوع بسببهما، لأنه سبب حامل، وعلة باعثة، وهو الذي تقتضيه القواعد الصحيحة من المذهب أم لا؟ احتمالان: والضابط في الجذب مع عدم إمكان التحامل، ضمان كل من الأول لمجذوبه، فالأول ضامن فقط، والأخير مضمون فقط، والوسائط ضامنة مضمونة باعتبارين،