للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَفْسٍ وَاجِبٌ وَلِلَّهْوِ مَكْرُوهٌ، وَأَبَاحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَدُونَ نِيَّةٍ أَوْ لِمُضَيِّعٍ وَاجِبًا حَرَامٌ (إلَّا بِكَخِنْزِيرٍ فَيَجُوزُ) اللَّخْمِيِّ: صَيْدُ الْخِنْزِيرِ لِأَكْلِهِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ حَرَامٌ. وَلِمُضْطَرٍّ قَالَ الْوَقَارُ: يُسْتَحَبُّ فِيهِ نِيَّةُ ذَكَاتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَعَلَّقَتْ بِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَتَذْكِيَةُ الْمَيْتَةِ لَغْوٌ. اللَّخْمِيِّ: وَصَيْدُهُ لِقَتْلِهِ جَائِزٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ: مَنْ وَرِثَ مِنْ عَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ خِنْزِيرًا سَرَّحَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ» ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ بُيُوتَ الْمَدِينَةِ خَاصَّةً وَأَنْ يُرِيدَ جَمِيعَ الْبُيُوتِ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا فَيُسْتَحَبُّ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ أَنْ لَا تُقْتَلَ حَيَّاتُ الْبُيُوتِ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِئْذَانِ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ بِخِلَافِ حَيَّاتِ الْمَدِينَةِ، وَأَمَّا حَيَّاتُ الصَّحَارَى وَالْأَوْدِيَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الْأَمْرِ بِقَتْلِهَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» فَذَكَرَ فِيهِنَّ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ، فَيُقْتَلُ مَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِهِ مِنْ الْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْحَدَأَةِ وَالْوَزَغَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ. انْتَهَى مِنْ ابْنِ رُشْدٍ. وَانْظُرْ حُكْمَ الْكَلْبِ غَيْرِ الْعَقُورِ فِي الْبُيُوعِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَيُقْتَلُ كُلُّ مَا يُؤْذِي مِنْ الدَّوَابِّ كَالْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلَةِ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالنَّارِ.

(كَذَكَاةِ مَا لَا يُؤْكَلُ إنْ أَيِسَ مِنْهُ) سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الدَّابَّةِ الَّتِي يُؤْكَلُ لَحْمُهَا تَعْيَا فِي أَرْضٍ لَا عَلَفَ فِيهَا فَقَالَ: يَدَعُهَا وَلَا يَذْبَحُهَا قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ دَابَّةٌ مَرِيضَةٌ يَئِسَ مِنْ النَّفْعِ بِهَا عَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَذَبْحُهَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَرْكِهَا. ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا قَالَ فِي الدَّابَّةِ الَّتِي تَعْيَا أَنَّهُ يَدَعُهَا، رَجَاءَ أَنْ يَجِدَهَا مَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا حَتَّى تَصِحَّ، ثُمَّ إنْ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا قَدْ صَحَّتْ عِنْدَ الَّذِي قَامَ عَلَيْهَا فَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الَّذِي قَامَ عَلَيْهَا مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَاسْتَحَبَّ فِي الَّتِي يَئِسَ مِنْ الْمُنْتَفَعِ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَذْبَحَهَا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ رَاحَتَهَا، وَهَذَا هُوَ الْآتِي عَلَى مَا فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.

وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ أَنَّ الْقِطَطَ الصِّفَارَ يَجُوزُ قَتْلُهَا إذَا قَلَّ غِذَاءُ أُمَّهَاتِهَا وَأَمَّا الْكِبَارُ فَحَكَى الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ إذَا خَرَجَتْ إذَايَتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَتْ قُتِلَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>