(وَكُرِهَ ذَبْحٌ بِدُونِ حُفْرَةٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَتَوْجِيهُهُ " (وَسَلْخٌ أَوْ قَطْعٌ قَبْلَ الْمَوْتِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَبْدَأَ الْجَزَّارُ بِسَلْخِ الشَّاةِ قَبْلَ أَنْ تَزْهَقَ نَفْسُهَا قَالَ: وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهَا وَلَا شَيْئًا مِنْ لَحْمِهَا حَتَّى تَزْهَقَ نَفْسُهَا فَإِنْ فَعَلَتْ أُكِلَتْ مَعَ مَا قُطِعَ مِنْهَا.
(كَقَوْلِ مُضَحٍّ: اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ) أَنْكَرَ مَالِكٌ قَوْلَ الْمُضَحِّي: اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ وَقَالَ: هَذِهِ بِدْعَةٌ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ قَالَ هَذَا الذِّكْرَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ وَأُجِرَ فِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ تَأَوَّلَ قَوْلَ مَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَبْيَنُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُعَاءٌ لَهُ فَلَا وَجْهَ لِكَرَاهَتِهِ.
(وَتَعَمُّدُ إبَانَةِ رَأْسٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ذَبَحَ فَتَرَامَتْ يَدُهُ إلَى أَنْ أَبَانَ الرَّأْسَ أُكِلَتْ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَبَدَأَ فِي قَطْعِهِ بِالْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ أُكِلَتْ لِأَنَّهَا كَذَبِيحَةٍ ذُكِّيَتْ ثُمَّ عَجَّلَ قَطْعَ رَأْسِهَا قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ أَنْ تُؤْكَلَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ فَهُوَ اسْتِحْسَانٌ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ إنْ قَصَدَهُ أَوَّلًا) لَمْ يَنْقُلْ ابْنُ يُونُسَ إلَّا مَا تَقَدَّمَ فَانْظُرْهُ أَنْتَ.
(وَدُونَ نِصْفٍ أُبِينَ مَيْتَةٌ إلَّا الرَّأْسَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا قَطَعَ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازُ عُضْوًا مِنْ الصَّيْدِ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ فَخِذٍ أَوْ جَنَاحٍ أَوْ خَطْمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَبَانَهُ فَلْيُذْكِهِ وَيَأْكُلْ بَقِيَّتَهُ دُونَ مَا أَبَانَ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَكَاتَهُ وَفَاتَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلْيَأْكُلْهُ دُونَ مَا أَبَانَ مِنْهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ إنْ ضَرَبْتَ صَيْدًا فَأَبَنْتَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ أَبْقَيْتَهُ مُعَلَّقًا بِالْجِلْدِ بَقَاءً لَا يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ أَبَدًا فَإِنَّهُ يُذَكَّى وَيُؤْكَلُ دُونَ مَا تَعَلَّقَ مِنْهُ أَوْ بَانَ قَالَ: فَأَمَّا إنْ كَانَ مَا تَعَلَّقَ مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَلْتَحِمُ وَيَعُودُ لِهَيْئَتِهِ فَلْيُؤْكَلْ جَمِيعُهُ.
قَالَ: وَإِنْ ضَرَبْتَهُ فَأَبَنْتَ رَأْسَهُ أَوْ ضَرَبْتَ رَأْسَهُ فَجَزَلْتَهُ نِصْفَيْنِ فَلْيَأْكُلْ جَمِيعَهُ. ابْنُ يُونُسَ: الْعِلَّةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ ضَرْبَةٍ بَلَغَتْ الْمَقَاتِلَ فَجَذَلَتْ ذُكِّيَ كُلُّهُ إذْ لَا حَيَاةَ لِصَيْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا، وَكُلُّ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْمَقَاتِلَ وَأَمْكَنَ أَنْ يَحْيَا الصَّيْدُ بَعْدَهُ فَاَلَّذِي جُزِلَ مِنْهُ مَيْتَةٌ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ أُخِذَ مِنْ الْحَيِّ مِمَّا جَرَى فِيهِ الدَّمُ فَهُوَ مَيْتَةٌ إذْ لَا يُذَكِّي شَخْصٌ مَرَّتَيْنِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُؤْكَلْ مَا جُذِلَ مِنْهُ مِنْ يَدٍ أَوْ جَنَاحٍ.
(وَمَلَكَ الصَّيْدَ الْمُبَادِرُ وَإِنْ تَنَازَعَ قَادِرُونَ فَبَيْنَهُمْ) قِيلَ لِسَحْنُونٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا كَانُوا سَائِرِينَ فِي طَرِيقٍ فَوَجَدَ أَحَدُهُمْ عُشًّا فَقَالَ هَذَا الْعُشُّ لِي أَنَا رَأَيْتَهُ قَبْلَكُمْ فَلَا تَأْخُذُوهُ فَبَدَرَهُ إلَيْهِ رَجُلٌ فَأَخَذَهُ قَالَ: هُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ