للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَكُونَ مَقْتَلًا، وَرَأَيْتُ لِابْنِ الْجَمَاعَةِ: اخْتَلَفَ فِي شَقِّ الْقَلْبِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَالْمِرَّةِ وَالْكُلْوَةِ وَالْأُنْبُولَةِ وَالدَّوَّارَةِ وَالْمَبْعَرِ وَالْكَرِشِ وَالرِّئَةِ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ الذَّكَاةَ، وَمِنْ نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ قَالَ ابْنُ غَلَّابٍ: تُكْرَهُ الذَّبِيحَةُ بِثَمَانٍ: شَقُّ الْقَلْبِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَالْكُلْوَةِ وَالْأُنْبُولَةِ وَالْمَنْحَرِ وَالدَّوَّارَةِ وَالْمِرَّةِ، فَمَا كَثُرَ شَقُّهُ كَرَاهَتَهُ تَحْرِيمٌ وَإِلَّا فَتَنْزِيهٌ، وَمِنْ كُتُبِ الطِّبِّ قَالَ بُقْرَاطُ: مَنْ انْخَرَقَتْ كَبِدُهُ مَاتَ (وَفَرْيِ وَدَجٍ) .

الْبَاجِيُّ: مِنْ الْمَقَاتِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فَرْيُ الْأَوْدَاجِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ خَرْقُ الْأَوْدَاجِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ شَقُّ الْأَوْدَاجِ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: انْشِقَاقُ الْأَوْدَاجِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لَيْسَ مَقْتَلًا.

وَقَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ هُوَ مَقْتَلٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: يَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ النُّخَاعُ (وَثَقْبِ مُصْرَانٍ) . الْبَاجِيُّ: مِنْ الْمَقَاتِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا انْفِتَاقُ الْمُصْرَانِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ خَرْقُ الْمُصِيرِ.

قَالَ ابْنُ لُبٍّ: الصَّحِيحُ أَنَّ شَقَّ الْمُصِيرِ الْأَعْلَى لَيْسَ بِمَقْتَلٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَلْتَئِمُ بِخِلَافِ الْقَطْعِ وَالِانْتِثَارِ جُمْلَةً فَإِنَّهُ لَا يَلْتَئِمُ أَصْلًا، وَهَكَذَا ثَقْبُ شَيْءٍ مِنْ الْمُصْرَانِ فِي الْحُشْوَةِ، وَفِي غَيْرِهَا إنَّمَا الْمَقْتَلُ فِيهَا كُلُّهَا الْقَطْعُ وَالِانْتِثَارُ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُصِيرَ الْأَعْلَى وَهُوَ الْمَرِيءُ أَنَّهُ مَقْتَلٌ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي خَرْقِ الْمُصِيرِ أَنَّهُ مَقْتَلٌ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا خُرِقَ أَعْلَاهُ فِي مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ وَيَصِيرَ إلَى حَالِ الرَّجِيعِ، وَأَمَّا إذَا خُرِقَ أَسْفَلُهُ حَيْثُ يَكُونُ الرَّجِيعُ فَلَيْسَ بِمَقْتَلٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّا وَجَدْنَا كَثِيرًا مِنْ الْحَيَوَانِ وَمِنْ بَنِي آدَمَ يُجْرَحُ فَيَخْرُجُ مَصِيرُهُ فِي مَجْرَى الرَّجِيعِ فَيَخْرُجُ الرَّجِيعُ عَلَى ذَلِكَ الْجُرْحِ وَيَعِيشُ مَعَ ذَلِكَ زَمَانًا وَهُوَ مُتَصَرِّفٌ يُقْبِلُ وَيُدْبِرُ.

وَلَوْ خُرِقَ فِي مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَمَا عَاشَ إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ طُعِنَ فَسُقِيَ اللَّبَنَ فَخَرَجَ مِنْ الْجُرْحِ عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ؟ وَالصَّوَابُ فُتْيَا ابْنِ رِزْقٍ بِجَوَازِ أَكْلِ ثَوْرٍ ذُبِحَ فَوُجِدَ كَرِشُهُ مَثْقُوبًا وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ إنْ بَاعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا نَقْلُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ مِنْ كَاسِي الْبَقَرِ بِإِفْرِيقِيَّةَ أَنَّهُمْ يَثْقُبُونَ كَرِشَ الثَّوْرِ لِبَعْضِ الْأَدْوَاءِ فَيَزُولُ عَنْهُ مَا بِهِ. وَسُئِلَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ ثَوْرٍ رَقَدَ بِمَا أَكَلَ مِنْ الشَّعِيرِ فَذُبِحَ فَإِذَا مَصَارِينُهُ قَدْ تَقَطَّعَتْ فَقَالَ يُؤْكَلُ. الْبُرْزُلِيِّ: لَعَلَّهَا كَانَتْ السُّفْلَى الَّتِي تَلِي الْكَرِشَ، وَأَمَّا الْمَصَارِينُ الْعُلْيَا الَّتِي يَجْرِي مَعَهَا الطَّعَامُ فَإِنَّهَا مَقْتَلٌ.

قَالَ: وَسُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ دِيكٍ أُطْعِمَ الْعَجِينَ لِيَسْمَنَ فَدَخَلَ فِي حَلْقِهِ فَخِيفَ فَذُبِحَ فَسَالَ الدَّمُ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ فَأَجَابَ: إذَا ذَكَّاهُ وَهُوَ يَسْتَيْقِنُ حَيَاتَهُ مَا عِنْدِي غَيْرُ ذَلِكَ (وَفِي شَقِّ الْوَدَجِ قَوْلَانِ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَفَرْيُ وَدَجٍ " وَكَذَا هِيَ قَوْلَانِ أَيْضًا فِي شَقِّ غَيْرِهِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ (وَفِيهَا أَكْلُ مَا دُقَّ عُنُقُهُ أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ لَمْ يَنْخَعْهَا) اُنْظُرْ لِمَ أَتَى بِهَذَا وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: أَنَّ الْمُنْخَنِقَةَ وَأَخَوَاتِهَا وَإِنْ صَارَتْ إلَى حَالِ الْيَأْسِ إذَا لَمْ يُنْفَذْ مَقْتَلُهَا أَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَإِحْدَى رِوَايَتَيْ أَشْهَبَ، فَلَوْ كَانَ الْفِقْهُ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ الْأُخْرَى مَا اُحْتِيجَ لِذِكْرِ الْمَقَاتِلِ فَانْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِنَقْلِ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَفْظِهَا: قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَرَدَّتْ الشَّاةُ مِنْ جَبَلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَانْدَقَّ عُنُقُهَا وَأَصَابَهَا مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَعِيشُ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ نَخَعَهَا فَإِنَّهَا تُذَكَّى وَتُؤْكَلُ لِأَنَّ بَعْضَهَا مُجْتَمِعٌ إلَى بَعْضٍ، وَلَوْ انْقَطَعَ النُّخَاعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>