قَبْلَ تَمَامِ الْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَإِخْرَاجُهَا اسْتِثْنَاءٌ شَرْطُهُ النُّطْقُ، وَلَوْ قَصَدَ أَوَّلًا إدْخَالَهَا مَعَ غَيْرِهَا لَمْ يَنْفَعْهُ اسْتِثْنَاؤُهُ إيَّاهَا بِحَالٍ. الْبَاجِيُّ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: الْحَلَالُ كُلُّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، فَإِذَا قَالَ: حَاشَيْت الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ نِيَّتُهُ وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ إلَّا أَنْ يَسْتَحْلِفَ.
وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: مَنْ قَالَ عَلَيْهِ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ فَلَمَّا حَلَفَ قَالَ: لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ صُدِّقَ. الْبَاجِيُّ: وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ فَقَالَ: إنِّي حَاشَيْت الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ أَوْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِنِيَّتِي، فَأَمَّا مَا لَا يُطَالَبُ بِهِ مِنْ الصَّوْمِ وَالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ وَالْعِتْقُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا خِلَافَ فِي تَصْدِيقِهِ، وَأَمَّا مَا لِلْأَمَامِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّتُهُ عَلَى مَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْحَالِفِ بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ، وَقَدْ رَأَيْت ذَلِكَ لِلشَّيْخِ أَبِي عِمْرَانَ فِي الْيَمِينِ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ.
وَلِلْبَرْزَلِيِّ تَقَدَّمَ لِلسُّيُورِيِّ أَنَّهُ إذَا حَاشَا زَوْجَتَهُ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَوَقَعَ لِابْنِ رُشْدٍ فِيمَنْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: احْلِفْ لِي بِالطَّلَاقِ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ فَقَالَ: احْلِفْ لِي بِالْحَلَالِ عَلَيْك حَرَامٌ فَحَلَفَ وَهُوَ جَاهِلٌ بِأَنَّ الْحَلَالَ عَلَيْهِ حَرَامٌ يَدْخُلُهُ الطَّلَاقُ فَحَنِثَ فِي يَمِينِهِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ أَتَى مُسْتَفْتِيًا جَرَى ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي مُجَرَّدِ اللَّفْظِ دُونَ النِّيَّةِ هَلْ يَلْزَمُ بِهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ الْبَيِّنَةِ انْتَهَى.
وَانْظُرْ مَسْأَلَةً سُئِلْت عَنْهَا وَهِيَ: رَجُلٌ تَحَرَّجَ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّازِمَةِ فَكَنَّى عَنْهَا فَقَالَ ذَلِكَ الْيَمِينُ يَلْزَمُنِي فَتَوَقَّفْت فِي طَلَاقِهِ وَأَفْتَاهُ غَيْرِي بِالطَّلَاقِ. وَلِابْنِ رُشْدٍ أَيْضًا: إشْكَالُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ يَا مُطَلَّقَةُ الطَّلَاقَ.
(وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ وَالْيَمِينِ لِلْكَفَّارَةِ وَالْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بِرٍّ بِأَنْ فَعَلْت وَلَا فَعَلْت أَوْ حَنِثَ بِلَأَفْعَلَنَّ وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ إنْ لَمْ يُؤَجِّلْ إطْعَامَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute