للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الَّذِي يَسْأَلُ الرَّجُلَ عَنْ وَدِيعَةٍ قَدْ كَانَ اسْتَدْفَعَهُ إيَّاهَا فَيَحْلِفُ إنْ كَانَتْ فِي بَيْتِهِ فَيُلَقِّنُهُ رَجُلٌ فِي عِلْمِك فَيَقُولُ فِي عِلْمِي: إنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ يَنْفَعُهُ إنْ كَانَ الْكَلَامُ نَسَقًا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا صُمَاتٌ، وَنَحْوَ ذَلِكَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فِي عِلْمِي بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ فِي بَيْتِي إلَّا أَنْ أَكُونَ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ بِالْمَعْنَى انْتَهَى.

اُنْظُرْ كَثِيرًا مَا يُتَّفَقُ هَذَا أَنْ يَقُولَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِلْحَالِفِ قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَقُولَهَا، فَعَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ يَمِينِهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ. وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيِّ. لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ النِّيَّةِ. ظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ قَبْلَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَظَاهِرُ الشَّيْخِ وَالصَّقَلِّيِّ قَبْلَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْ الْمُقْسَمِ بِهِ.

(إلَّا لِعَارِضٍ) التَّلْقِينُ: قَطْعُ الِاسْتِثْنَاءِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْ سُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لَا يَضُرُّ. الْبَاجِيُّ: وَكَذَا انْقِطَاعُ النَّفَسِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ (وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ) تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الِاسْتِثْنَاءَ فَلَا ثُنْيَا لَهُ، وَكَذَا إنْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ سَهْوًا وَظَاهِرُهُ وَلَمْ يَنْوِهِ قَبْلَ تَمَامِ يَمِينِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَوَجْهُهُ أَنَّ لَفْظَ الِاسْتِثْنَاءِ لَمَّا لَمْ يُشْتَرَطْ تَقْدِيمُهُ عَلَى آخِرِ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْيَمِينِ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فِي النِّيَّةِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا تُؤَثِّرُ، وَلَوْ أَثَّرَ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فِي حِلِّ الْيَمِينِ لَاسْتَغْنَى عَنْ لَفْظِهِ وَهَذَا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ (وَقَصَدَ) اُنْظُرْ إنَّمَا شَرَطُوا هَذَا فِي إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: " كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إنْ قَصَدَ " فَانْظُرْ هَذَا.

(وَنَطَقَ بِهِ) . ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِ " إلَّا " مِنْ حَرَكَةِ اللِّسَانِ، وَكَذَلِكَ مَا هُوَ مِثْلُهُ مِنْ تَقْيِيدِ الْعُمُومِ بِصِفَةٍ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَنْفَعُ إلَّا بِتَحْرِيكِ اللِّسَانِ وَاتِّصَالُهُ بِالْكَلَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ آثَرَ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ فِي حِلِّ الْيَمِينِ لَاسْتَغْنَى عَنْ لَفْظِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَإِنْ سِرًّا) . ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ حَرَّكَ بِالِاسْتِثْنَاءِ شَفَتَيْهِ أَجْزَاهُ وَإِنْ لَمْ يَجْهَرْ بِهِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَحْلَفًا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا الْجَهْرُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَنْفَعُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ الْمَحْلُوفُ لَهُ (بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ فَأَمَّا فِي نَفْسِهِ فَلَا.

(إلَّا أَنْ يَعْزِلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلًا) اللَّخْمِيِّ: اخْتَلَفَ إذَا لَمْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ. وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّ الْمُحَاشَاةَ تَصِحُّ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ الْمُحَاشَاةَ هِيَ إخْرَاجُ ذَلِكَ قَبْلَ الْيَمِينِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ إنْ كَانَ ذَلِكَ نِيَّتَهُ قَبْلَ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا مُحَاشَاةٌ. وَسَمِعَ عِيسَى: شَرْطُ الثُّنْيَا حَرَكَةُ لِسَانِهِ وَتَنْفَعُ النِّيَّةُ دُونَ حَرَكَةِ اللِّسَانِ. ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ الثُّنْيَا اسْتِدْرَاكٌ بَعْدَ صُدُورِ الْيَمِينِ دُونَ نِيَّةٍ وَالنِّيَّةُ قَصْرُ بَعْضِ الْيَمِينِ عَلَى بَعْضٍ مَدْلُولُهَا الظَّاهِرُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النُّطْقُ اتِّفَاقًا.

وَلِشِهَابِ الدِّينِ يَكْفِي فِي الْمُحَاشَاةِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا تَخْصِيصٌ يَكْفِي فِيهِ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ كَمَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت ثَوْبًا وَنَوَى إخْرَاجَ الْكَتَّانِ مِنْ يَمِينِهِ فَيَصِيرُ هَذَا الْعُمُومُ مَخْصُوصًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ، وَلَا يَحْنَثُ إذَا لَبِسَ الْكَتَّانَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهُ بِنِيَّتِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا نَوَى تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيُكْرِمَنَّ رَجُلًا وَنَوَى فَقِيهًا فَلَا يَبَرُّ بِإِكْرَامِ غَيْرِهِ لِأَنَّ " رَجُلًا " مُطْلَقٌ وَقَدْ قَيَّدَهُ بِكَوْنِهِ فَقِيهًا كَالزَّوْجَةِ فِي الْحَلَالِ عَلَى حَرَامٍ وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ.

مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ: كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَقَطْ أَنْ يُحَاشِيَهَا بِقَلْبِهِ. عَبْدُ الْحَقِّ: إنْ لَمْ يَنْوِ إخْرَاجَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>