تَقْرِيرُ مَا تَحَقَّقَ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ مِنْ أَقْوَالِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يُنَوَّى، فَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ أَنْوِ إلَّا طَلْقَةً صُدِّقَ. وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي بَدْوِيٍّ حَلَفَ بِاللَّازِمَةِ: إنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُهُ بِهَا فِي امْرَأَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا لَكِنْ يَلْزَمُهُ سَائِرُ مَا يَلْزَمُ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا لِلْبَاجِيِّ قَبْلَ قَوْلِهِ وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا لِلَّخْمِيِّ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ إنَّمَا خُرِّجَتْ عَلَى سَبْقِ اللِّسَانِ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ: الْأَيْمَانُ تَلْزَمُهُ أَنَّ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ لَازِمَةٌ لَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي الْقَصْرِ عَلَى أَحَدِهَا وَكَانَ مِمَّا يَنْوِي، لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَحْضُرْهُ، لَكِنْ اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الطَّلَاقِ، فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، وَقِيلَ: إنَّمَا يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ إنْ كَانَ لَهُ مَقْصِدٌ فِي التَّعْمِيمِ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَقْصِدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا وَاحِدَةٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: كُلُّ الْأَيْمَانِ أَوْ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ أَوْ لَا يَقُولُ ذَلِكَ، وَأَمَّا غَيْرُ الطَّلَاقِ مِنْ الْأَيْمَانِ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ مَا يَمْلِكُ وَالْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ وَالصَّدَقَةُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ بِاَللَّهِ. وَمَنْ اعْتَادَ الْحَلِفَ بِصَوْمِ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِأَنَّ مِنْ الْأَيْمَانِ الظِّهَارَ وَفِي هَذِهِ نَظَرٌ. ابْنُ زَرْقُونٍ: صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ.
(وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ) اُنْظُرْ أَنْتَ عَلَى مَا تَحْمِلُ قَوْلَهُ: " وَالْأَمَةُ ". ابْنُ عَرَفَةَ: تَحْرِيمُ غَيْرِ الزَّوْجَةِ سَاقِطٌ. ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمِّ وَلَدِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَوَاللَّهِ لَا أَمَسُّكِ» فَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يُكَفِّرْ لِتَحْرِيمِهِ.
قَالَ مَسْرُوقٌ: عَاتَبَهُ اللَّهُ فِي التَّحْرِيمِ وَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ: الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ فَعَلَ كَذَا قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ الْحَرَامُ يَمِينًا فِي شَيْءٍ لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ إنْ حَرَّمَهَا وَلَا فِي عَبْدٍ وَلَا فِي خَادِمٍ وَلَا فِي طَعَامٍ وَلَا فِي شَرَابٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُحَرِّمَ امْرَأَتَهُ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ.
(وَتَكَرَّرَتْ إنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute