ابْنُ عَرَفَةَ: حِنْثُ الْيَمِينِ يُسْقِطُهَا وَلِذَا لَا يَتَعَدَّدُ مَا يُوجِبُ الْحِنْثَ بِتَكَرُّرِ مُوجِبِهِ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ عُرْفٍ. ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَلْبَتَّةَ إنْ خَرَجَتْ إلَى أَهْلِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ إنْ لَمْ يَضْرِبْهَا فَخَرَجَتْ مَرَّةً فَضَرَبَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ مِرَارًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَضْرِبَهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ ضَرَبَهَا فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَسَقَطَ عَنْهُ الْيَمِينُ كَمَا لَوْ حَنِثَ مَرَّةً لَسَقَطَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ وَلَيْسَ يَبَرُّ أَحَدٌ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، يُرِيدُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَخَرَجَتْ مَرَّةً بِغَيْرِ إذْنِهِ فَوَقَعَتْ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ، ثُمَّ إنْ خَرَجَتْ ثَانِيَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهَا يَمِينٌ حَنِثَ فِيهَا فَلَا يَتَكَرَّرُ الْحِنْثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كُلَّمَا خَرَجَتْ. انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ. الْكَافِي إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ طَلَاقُهَا، فَإِنْ عَادَ تَزَوَّجَهَا ثَانِيَةً لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ كُلَّمَا.
(كَعَدِمِ تَرْكِ الْوِتْرِ) ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ حَلَفَ إنْ نَامَ حَتَّى يُوتِرَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ دِينَارٌ فَنَامَ لَيْلَةً قَبْلَ أَنْ يُوتِرَ فَلَزِمَهُ صَدَقَةُ دِينَارٍ، ثُمَّ نَامَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: مَا رَأَيْت أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا يُرِيدُ بِذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً - وَمَا أَرَاهُ إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَا فَعَلَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِمَا إنَّمَا عَلَى مَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَكَلَّمَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَسَمَاعُ أَشْهَبَ: مَنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ إنْ أَبَقَ، وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ بَاتَ عَنْهَا، وَسَمَاعُهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ امْرَأَتَهُ إنْ خَرَجَتْ. وَهَذَا الْخِلَافُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأُصُولِيِّينَ فِي الْأَمْرِ الْمُقَيَّدِ بِصِفَةٍ هَلْ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا أَمْ لَا. ابْنُ عَرَفَةَ: يَرُدُّ هَذَا بِأَنَّ التَّكْرَارَ فِي الْوِتْرِ قَدْ عَلَّلَهُ مَالِكٌ بِتَقَرُّرِ الْعُرْفِ تَكْرِيرَ الْجَزَاءِ بِتَكَرُّرِ شَرْطِهِ، وَمَحْمَلُ السَّمَاعَاتِ عَلَى عَدَمِ تَقْرِيرِهِ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَةُ الْكَلَامِ مِنْ هَذَا بِوَجْهٍ.
(أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَجَامَعَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَنِثَ وَلَهُ أَنْ يَطَأَ الْبَوَاقِيَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ كَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَطَأَهُنَّ بَعْدَ أَنْ يُكَفِّرَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا وَطِئَ إحْدَاهُنَّ أَوْ كُلَّهُنَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَلَا أَضْرِبُ فُلَانًا فَفَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْأَشْيَاءِ.
وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُ فُلَانًا فَعَلَيْهِ هُنَا لِكُلِّ صِنْفٍ فَعَلَهُ كَفَّارَةٌ، لِأَنَّ هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ بِاَللَّهِ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ. وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ لَكَانَتْ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَكُلُّ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا ثُمَّ رَدَّدَ الْيَمِينَ فِي ذَلِكَ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَفِي مَجَالِسَ ثُمَّ حَنِثَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ عَنْ ذَلِكَ، نَوَى بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةَ غَيْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute