اللَّخْمِيِّ: يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ الْكِتَابِ.
(وَبِالْإِشَارَةِ لَهُ) ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ فَأَشَارَ إلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ وَقِيلَ يَحْنَثُ. وَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} [آل عمران: ٤١] وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ حَلَفَ لَا سَأَلَ فُلَانًا حَاجَةً فَاحْتَاجَ إلَيْهِ فَلَزِمَ الْجُلُوسَ إلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ يَجْلِسُ إلَيْهِ لَا أُحِبُّهُ وَلَا يَحْنَثُ بِهِ، وَلَوْ فَهِمَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ حَاجَتَهُ مِنْ طُولِ جُلُوسِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا هُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي لَغْوِ الْإِشَارَةِ.
(وَبِكَلَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ) ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ مَرَّ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ لَهُ: الصَّلَاةَ يَا نَائِمٌ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَعَرَفَهُ فَهُوَ حَانِثٌ، وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَهُوَ مُسْتَثْقِلٌ نَوْمًا وَهُوَ كَالْأَصَمِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَلَّمَهُ وَهُوَ مَشْغُولٌ يُكَلِّمُ رَجُلًا وَلَمْ يَسْمَعْهُ. مُحَمَّدٌ: لَوْ قَالَ الْحَالِفُ لِمَنْ دَقَّ بَابَهُ: مَنْ أَنْتَ فَإِذَا هُوَ حَنِثَ لَا فِي الْعَكْسِ (لَا قِرَاءَتَهُ بِقَلْبِهِ) أَمَّا عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ، فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا قَرَأَهُ بِقَلْبِهِ. وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ فَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ يَحْنَثُ إنْ قَرَأَهُ بِقَلْبِهِ حَسْبَمَا يَأْتِي.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّ الْحَالِفَ لَوْ أَمَرَ مَنْ يَكْتُبُ عَنْهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَقْرَأَهُ الْحَالِفُ أَوْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ أَوْ يُمْلِيَهُ. ثُمَّ إذَا أَرْسَلَ الْكِتَابَ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ: إنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ الْكِتَابِ.
وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقْرَأَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَلَوْ عِنْوَانَهُ. وَعَلَى هَذَا فَفِي حِنْثِهِ بِمُجَرَّدِ قِرَاءَتِهِ أَوْ بِقَيْدِ كَوْنِهَا لَفْظًا قَوْلَانِ: لِظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَصُّ أَشْهَبَ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَوْ قَالَ لِرَسُولِهِ: اُرْدُدْهُ أَوْ اقْطَعْهُ فَعَصَاهُ وَدَفَعَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَقَرَأَهُ أَوْ رَمَاهُ فَأَخَذَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَقَرَأَهُ لَمْ يَحْنَثْ. اُنْظُرْ قَبْلُ تَرْجَمَةً فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَ رَجُلًا مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
(أَوْ قَرَأَهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ) تَضَمَّنَ هَذَا أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا كَلَّمَ زَيْدًا مَثَلًا فَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا حَنِثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute