وَشَبَهِهِ فَلَهُ إخْرَاجُ ذَلِكَ كُلِّهِ لِمَنْفَعَةٍ أَوْ بَيْعٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهِ وَإِنْ كَثُرَ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ. أَبُو عُمَرَ: كُلُّ مَا كَانَ مُبَاحًا فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَلَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَأَخْذُهُ جَائِزٌ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: جُلُودُ مَا ذَبَحَهُ الْغُزَاةُ بِأَرْضِ الْحَرْبِ تُطْرَحُ فِي الْمَغَانِمِ إنْ كَانَ لَهَا ثَمَنٌ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذُوهَا. ابْنُ رُشْدٍ: يُرِيدُ إنْ لَمْ يَحْتَاجُوا إلَيْهَا، فَأَمَّا إنْ اخْتَلَفُوا فَإِنْ احْتَاجُوا إلَيْهَا لِشَدِّ قَتَبٍ وَنَحْوِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِمْ إيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَمِثْلُهُ فِي الْوَاضِحَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (وَإِبْرَةً) . ابْنُ رُشْدٍ: الْإِبْرَةُ إذَا أَخَذَهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا وَلَمْ يَأْخُذْهَا مُغْتَالًا لَهَا فَلَيْسَتْ مِنْ الْغُلُولِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فِي الْمَغَانِمِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا. وَحَدِيثُ: «أَدُّوا الْمَخِيطَ» كَلَامٌ خُرِّجَ عَلَى التَّحْذِيرِ عَلَى حَدِّ «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ» .
(وَطَعَامًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: سُنَّةُ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَيُعْلَفُ مِنْهُ الدَّوَابُّ وَلَا يُسْتَأْمَرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَلَا غَيْرُهُ وَلَوْ نَهَاهُمْ سُلْطَانٌ عَنْ إصَابَةِ ذَلِكَ ثُمَّ اضْطَرُّوا إلَيْهِ لَكَانَ لَهُمْ أَكْلُهُ.
قَالَ فِي الْكَافِي: وَلَا يُخْرِجُ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَعَلَ رَدَّهُ فِي الْمَغْنَمِ (وَإِنْ نَعَمًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ أَيْضًا لِمَنْ أَخَذَهَا مِثْلُ الطَّعَامِ يَأْكُلُ مِنْهَا وَيَنْتَفِعُ بِهَا. «وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفَرٍ مِنْ الْعَسْكَرِ أَصَابُوا غَنَمًا كَثِيرَةً: لَوْ أَطْعَمْتُمْ إخْوَانَكُمْ مِنْهَا. قَالَ: فَرَمَيْنَاهُمْ بِشَاةٍ شَاةٍ حَتَّى كَانَ الَّذِي مَعَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي مَعَنَا» .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا ضَمَّ الْوَالِي مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْمَغْنَمِ ثُمَّ احْتَاجَ النَّاسُ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (وَعَلَفًا) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا (كَثَوْبٍ وَسِلَاحٍ وَدَابَّةٍ لِتَرُدَّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَغْنَمِ دَابَّةً يُقَاتِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْكَبُهَا إلَى بَلَدِهِ إنْ احْتَاجَهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا إلَى الْغَنِيمَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَتْ الْغَنِيمَةُ قَدْ قُسِمَتْ بَاعَهَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا وَكَذَلِكَ إنْ احْتَاجَ إلَى سِلَاحٍ يُقَاتِلُ بِهِ أَوْ ثِيَابٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ يَلْبَسُهَا حَتَّى يَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ حَازَ الْإِمَامُ هَذِهِ الثِّيَابَ أَوْ هَذِهِ الْجُلُودَ ثُمَّ اُحْتِيجَ إلَيْهَا فَلَهُمْ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهَا كَمَا كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهَا الْإِمَامُ (وَرَدَّ الْفَضْلَ إنْ كَثُرَ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ) قَالَ مَالِكٌ: إذَا خَرَجَ إلَى بَلَدِهِ وَمَعَهُ فَضْلَةُ طَعَامٍ أَكَلَهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا وَيَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ. اللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيُّ: إنَّمَا يَتَصَدَّقُ بِهِ إنْ افْتَرَقَ الْجَيْشُ وَإِلَّا رَدَّهُ لِلْقِسْمِ وَنَحْوُ هَذَا لِأَبِي عُمَرَ.
(وَمَضَتْ الْمُبَادَلَةُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَخَذَ هَذَا عَسَلًا وَهَذَا لَحْمًا وَهَذَا طَعَامًا فَيُبْدِلُونَهُ وَيَمْنَعُ أَحَدُهُمْ صَاحِبَهُ حَتَّى يُبَادِلَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَلِكَ الْعَلَفُ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ التَّفَاضُلَ بَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فِي هَذَا، وَخَفَّفَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ خَفِيفٌ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ الْمُوَاسَاةَ فِيهِ بَيْنَهُمْ قَالَ: وَمَنْ جَهِلَ فَبَاعَ بِثَمَنٍ وَاشْتَرَى جِنْسًا آخَرَ مِنْ الطَّعَامِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ إذَا صَارَ ثَمَنًا انْبَغَى أَنْ يَرْجِعَ مَغْنَمًا بِخِلَافِ الْمُبَادَلَةِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَخَذَ طَعَامًا فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute