اسْتَغْنَى عَنْهُ فَلْيُعْطِهِ إلَى أَصْحَابِهِ بِغَيْرِ بَيْعٍ وَلَا قَرْضٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَقْرَضَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فَإِنْ جَهِلَ فَرَدَّهُ إلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ يَمْلِكُهُ فَلْيَرْجِعْ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فَإِنْ جَهِلَ فَرَدَّهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامٍ يَمْلِكُهُ فَلْيَرْجِعْ بِمَا دَفَعَ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ أَفَاتَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ عَوَّضَ عَنْ صَدَقَةٍ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ فَاتَهُ لِي شَيْءٌ لَهُ لِأَنَّهُ هُوَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ. وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا الْقَوْلَ وَقَدْ ذَكَرُوا لِهَذَا نَظَائِرَ.
(وَبِبَلَدِهِمْ إقَامَةُ الْحَدِّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ سَرَقَ مُسْلِمٌ مِنْ حَرْبِيٍّ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَ الْحَرْبِيُّ وَقَدْ دَخَلَ بِأَمَانٍ قُطِعَ. وَيُقِيمُ أَمِيرُ الْجَيْشِ الْحُدُودَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ عَلَى أَهْلِ الْجَيْشِ فِي السَّرِقَةِ وَغَيْرِهَا وَذَلِكَ أَقْوَى عَلَى الْحَقِّ.
(وَتَخْرِيبٌ وَقَطْعُ نَخْلٍ وَحَرْقٌ إنْ أَنْكَى أَوْ لَمْ تُرْجَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَعَكْسِهِ) ابْنُ رُشْدٍ: رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَطْعِ نَخْلِ بَنِي النَّضِيرِ.
وَرُوِيَ إنَّهُمْ لَمَّا قَطَعُوا بَعْضًا وَتَرَكُوا بَعْضًا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ لَهُمْ أَجْرٌ فِيمَا قَطَعُوا وَهَلْ عَلَيْهِمْ وِزْرٌ فِيمَا تَرَكُوا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} [الحشر: ٥] . فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى إبَاحَةِ الْقَطْعِ وَأَنْ لَا حَرَجَ فِي التَّرْكِ. وَتَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَطْعَ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْكِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إذْلَالِ الْعَدُوِّ وَإِصْغَارِهِمْ وَنِكَايَتِهِمْ وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا} [التوبة: ١٢٠] إلَّا أَنْ يَكُونَ بَلَدًا يُرْجَى أَنْ يَصِيرَ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ التَّوَقُّفُ عَنْ الْقَطْعِ وَالتَّحْرِيقِ وَالتَّخْرِيبِ أَفْضَلَ بِدَلِيلِ نَهْيِ أَبِي بَكْرٍ أُمَرَاءَ جُيُوشِهِ إلَى الشَّامِ عَنْ ذَلِكَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَفْتِحُونَهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَتُفْتَحُ الشَّامُ» إلَى قَوْلِهِ: «وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» ، وَلِحَضِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصَّلَاةِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
(وَوَطْءُ أَسِيرٍ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً سَبْيًا) . ابْنُ الْقَاسِمِ: لِلْأَسِيرِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ الْمَأْسُورَتَيْنِ مَعَهُ إنْ أَمِنَ مِنْ وَطْئِهِمَا الْعَدُوَّ، وَإِنَّمَا أَكْرَهَهُ خَوْفُ بَقَاءِ ذُرِّيَّتِهِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ. وَلَوْ تَرَكَ وَطْءَ الْأَمَةِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ لِأَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ مَلَكَهَا مِلْكًا لَوْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ. ابْنُ رُشْدٍ: الْأَمْرُ فِي وَطْءِ الْحُرَّةِ عَلَى مَا قَالَ بِاتِّفَاقٍ.
(وَذَبْحُ حَيَوَانٍ وَعَرْقَبَتُهُ) قَالَ مَالِكٌ: مَا ضَعُفَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ النُّفُوذِ بِهِ مِنْ بِلَادِهِمْ مِنْ مَاشِيَةٍ وَدَوَابَّ وَمَتَاعٍ مِمَّا غَنِمُوا أَوْ كَانَ مَتَاعُهُمْ أَوْ قَامَ عَلَيْهِمْ مِنْ دَوَابِّهِمْ فَلْيُعَرْقِبُوا الدَّوَابَّ وَيَذْبَحُونَهَا، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْمَاشِيَةِ وَلَا تُتْرَكُ لِلْعَدُوِّ لِيَنْتَفِعَ بِهَا وَأَمَّا الْمَتَاعُ وَالسِّلَاحُ فَإِنَّهَا تُحَرَّقُ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الدَّوَابِّ أَنَّهَا تُحْرَقُ بَعْدَمَا عُرْقِبَتْ. اللَّخْمِيِّ: إلَّا أَنْ يَخْشَى إدْرَاكَهَا الْعَدُوُّ قَبْلَ فَسَادِهَا. الْبَاجِيُّ إنْ كَانُوا يَأْكُلُونَ الْمَيْتَةَ فَالصَّوَابُ حَرْقُهَا (وَأَجْهَزَ عَلَيْهِمْ) ابْنُ الْقَاسِمِ: تُعْقَرُ بَقَرُهُمْ وَغَنَمُهُمْ إنْ لَمْ يَحْتَاجُوا إلَيْهَا. ابْنُ رُشْدٍ: يُرِيدُ أَنَّهَا تُعْقَرُ بِالْإِجْهَازِ عَلَيْهَا وَبَعْدَ ذَلِكَ تُحْرَقُ إنْ خَشَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا الْعَدُوُّ بَعْدَ عَقْرِهَا وَذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهَا يَتَقَوَّوْنَ بِهَا.
(وَفِي النَّحْلِ إنْ كَثُرَتْ وَلَمْ يُقْصَدْ عَسَلُهَا رِوَايَتَانِ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ: يُكْرَهُ