الْأَسِيرِ عَدَمُ قَتْلِهِ وَلَوْ كَانَ أَمَانًا لِمَنْ فِي حِصْنٍ كَانَ لَا يُبَاحُ بِقَتْلٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَبِينَ أَنَّهُ فِي النَّفْسِ دُونَ الْمَالِ (وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ) لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ الْخِلَافَ فِي أَمَانِ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ التَّأْمِينُ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الْفَتْحُ وَمَا دَامَ الَّذِي أَمِنَ مُتَمَنِّعًا.
وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْفَتْحُ وَصَارَ فِي قَبْضَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَمَّنَهُ الْأَمِيرُ صَحَّ تَأْمِينُهُ، وَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُهُ فَهَلْ يَصِحُّ تَأْمِينُهُ فَيَكُونُ مَانِعًا مِنْ الْقَتْلِ؟ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: صِحَّةُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْأَسْرِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأُمِّ هَانِئٍ: قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْت يَا أُمَّ هَانِئٍ» . وَكَانَتْ إجَارَتُهَا بَعْدَ الْفَتْحِ.
وَعَزَا اللَّخْمِيِّ هَذَا لِابْنِ الْمَوَّازِ.
الثَّانِي: عَدَمُ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ صَارَ فِي قَبْضَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ صِيَانَةُ دَمِهِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: لَا يَحِلُّ لِمَنْ أَمَّنَهُ قَتْلُهُ وَالْإِمَامُ يَتَعَقَّبُ ذَلِكَ إنْ رَأَى قَتْلَهُ أَصْلَحَ قَتَلَهُ وَهَذَا أَحْسَنُ، إذْ لَوْ كَانَتْ إجَارَةُ أُمِّ هَانِئٍ لَازِمَةً لَمْ يَقُلْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْت.
قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ: إنَّمَا تَمَّ أَمَانُهَا بِإِجَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: يَصِحُّ التَّأْمِينُ بِكُلِّ مَا يُفْهَمُ بِهِ ذَلِكَ كَانَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ أَوْ بِالْعَجَمِيِّ، نُطْقًا أَوْ إشَارَةً (إنْ لَمْ يَضُرَّ) مِنْ الذَّخِيرَةِ: لَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا أَوْ طَلِيعَةً لَمْ يَنْعَقِدْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ بَلْ يَكْفِي عَدَمُ الْمَضَرَّةِ.
(وَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيٌّ فَجَاءَ أَوْ نَهَى النَّاسَ عَنْهُ فَعَصَوْا أَوْ نَسُوا أَوْ جَهِلُوا أَوْ جُهِلَ إسْلَامُهُ لَا إمْضَاؤُهُ أَمْضَى أَوْ رُدَّ لِمَحَلِّهِ) أَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَرْبِيِّ يَظُنُّ الْأَمَانَ فَيَجِيءُ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي مَرْكَبٍ لِلْمُسْلِمِينَ قَاتَلُوا مَرْكَبَ عَدُوِّهِمْ يَوْمَهُمْ فَطَلَبَ الْعَدُوُّ الْأَمَانَ فَنَشَرَ الْمُسْلِمُونَ الْمُصْحَفَ وَحَلَفُوا بِمَا فِيهِ لَنَقْتُلَنَّكُمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute