فَظَنَّهُ الْعَدُوُّ أَمَانًا فَاسْتَسْلَمُوا ثُمَّ طَلَبُوا بَيْعَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمَانٌ قَالَ: وَلَوْ طَلَبُوا مَرْكَبًا لِلْعَدُوِّ فَصَاحُوا بِهِ: اُرْخُ قَلْعَك فَأَرْخَاهَا، هُوَ أَمَانٌ إنْ كَانَ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِمْ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ أَمَّنَ وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ نَهَى عَنْهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَيْشِ أَنْ يُؤَمِّنَ أَحَدًا غَيْرَ الْإِمَامِ وَحْدَهُ وَلِذَلِكَ قُدِّمَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ إنْ أَمَّنَ أَحَدٌ أَحَدًا قَبْلَ نَهْيِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ، إمَّا أَمَّنَهُ أَوْ رَدَّهُ إلَى مَأْمَنِهِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ: إذَا نُهِيتُمْ عَنْ الْأَمَانِ فَأَمَّنَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ نَاسِيًا أَوْ عَاصِيًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ جَاهِلًا رُدَّ إلَى مَأْمَنِهِ وَلَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُقِيمَ فِيكُمْ فَيَكُونَ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْجِزْيَةِ: وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ إذَا قَالُوا: ظَنَنَّا الذِّمِّيَّ مُسْلِمًا رُدُّوا لِمَأْمَنِهِمْ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَوْ جُهِلَ كُفْرُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ " لَا إمْضَاؤُهُ " فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَا أَمَانَ لِذِمِّيٍّ، فَإِنْ قَالُوا: ظَنَنَّا أَنَّ لَهُ جِوَارًا بِمَكَانِ الذِّمَّةِ فَلَا أَمَانَ لَهُمْ. اللَّخْمِيِّ: أَرَى أَنْ يُرَدُّوا لِمَأْمَنِهِمْ (وَإِنْ أَخَذَ مُقْبِلًا بِأَرْضِهِمْ وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ أَوْ بِأَرْضِنَا وَقَالَ: ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ أَوْ بَيْنَهُمَا رُدَّ لِمَأْمَنِهِ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ فَعَلَيْهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا أَخَذَ الرُّومِيُّ بِبَلَدِ الْعَدُوِّ وَهُوَ مُقْبِلٌ إلَيْنَا فَيَقُولُ: جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ فَقَالَ مَالِكٌ: هَذِهِ أُمُورٌ مُشْكِلَةٌ وَأَرَى رَدَّهُ لِمَأْمَنِهِ.
قِيلَ: فَمَنْ أَخَذَ حَرْبِيًّا دَخَلَ بِلَادَ الْإِسْلَامِ دُونَ أَمَانٍ. أَيَكُونُ لَهُ أَمْ فَيْءٌ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ وُجِدُوا بِسَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ تُجَّارٌ: لَا يُصَدَّقُونَ وَلَيْسُوا لِمَنْ وَجَدَهُمْ وَيَرَى الْإِمَامُ رَأْيَهُ. قُلْت: إنْ نَزَلَ تَاجِرٌ دُونَ أَمَانٍ وَقَالَ: ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ؟ قَالَ: هَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ أَوَّلًا. أَمَّا قَبْلَ قَوْلِهِ: " أَوْ رُدَّ لِمَأْمَنِهِ ".
ابْنُ بَشِيرٍ: وَإِذَا وُجِدَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي مَوَاضِعَ بَيْنَ أَرْضِهِمْ أَوْ أَرْضِنَا فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُمْ مُحَارِبُونَ حُكِمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ أَهْلِ الْحَرْبِ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُسْتَأْمَنُونَ حُكِمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمُسْتَأْمَنِينَ، وَإِنْ شَكَّ فَقَوْلَانِ. اللَّخْمِيِّ: إنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ كَانَ آمِنًا وَلَمْ يُسْتَرَقَّ، وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَكَانَ رَقِيقًا، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ وَلَا عَلَى كَذِبِهِ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ رَأَى مَرَّةً أَنَّهُ صَارَ أَسِيرًا رَقِيقًا بِنَفْسِ الْأَخْذِ يَدَّعِي وَجْهًا يُزِيلُ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَرَأَى مَرَّةً أُخْرَى أَنْ يُقْبَلَ قَوْلَهُ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ صَدَقَ وَلَا يُسْتَرَقُّ بِشَكٍّ وَهُوَ أَحْسَنُ.
فَإِنْ قَالَ: جِئْتُ رَسُولًا وَمَعَهُ مُكَاتَبَةٌ أَوْ جِئْتُ لِفِدَاءٍ وَلَهُ مَنْ يَفْدِيهِ كَانَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِهِ (وَإِنْ رُدَّ بِرِيحٍ فَعَلَى أَمَانِهِ حَتَّى يَصِلَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا نَزَلَ تُجَّارُهُمْ بِأَمَانٍ فَبَاعُوا وَانْصَرَفُوا فَأَيْنَمَا رَمَتْهُمْ الرِّيحُ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَالْأَمَانُ لَهُمْ مَا دَامُوا فِي تَجْرِهِمْ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute