تَجِبُ إلَّا بِآخِرِ الْحَوْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ نَصٌّ، وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّهَا تَجِبُ بِآخِرِ الْحَوْلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ سَنَةً بِسَنَةٍ جَزَاءً عَلَى تَأْمِينِهِمْ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْجِزْيَةِ الصُّلْحِيَّةِ إذَا وَقَعَتْ مُبْهَمَةً مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ كَمَا ذَكَرْنَا (وَنُقِّصَ الْفَقِيرُ بِوُسْعِهِ) هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " قَادِرٍ " (وَلَا تُزَادُ) تَقَدَّمَ نَصُّ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَإِنْ كَثُرَ يُسْرُهُمْ فَلَا يُزَادُونَ (وَلِلصُّلْحِيِّ مَا شَرَطَ) ابْنُ رُشْدٍ: لَا حَدَّ لِلْجِزْيَةِ الصُّلْحِيَّةِ إذْ لَا يُجْبَرُونَ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُمْ مَنَعُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ حَتَّى صَالَحُوا عَلَيْهَا فَإِنَّمَا هِيَ عَلَى مَا يُرَاضِيهِمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ عَلَى أَنْ يُقَرُّوا فِي بِلَادِهِمْ عَلَى دِينِهِمْ إذَا كَانُوا بِحَيْثُ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ وَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا يَلْزَمُ أَهْلَ الْحَرْبِ الرِّضَا بِهِ لِأَنَّهُمْ مَالِكُونَ لِأَمْرِهِمْ وَأَنَّ لِأَقَلِّهَا حَدًّا إذَا بَذَلُوهُ لَزِمَ الْإِمَامَ قَبُولُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ. وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمَذْهَبِ عِنْدِي أَنَّ أَقَلَّهَا مَا فَرَضَ عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الْعَنْوَةِ فَإِذَا بَذَلَ ذَلِكَ أَهْلُ الْحَرْبِ فِي الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوهُ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ لَزِمَ الْإِمَامَ قَبُولُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ فِي الصُّلْحِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ (وَإِنْ أُطْلِقَ فَكَالْأَوَّلِ) ابْنُ رُشْدٍ: وَإِنْ صَالَحُوا عَلَى الْجِزْيَةِ مُبْهَمَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَلَا تَحْدِيدٍ وَجَبَتْ لَهُمْ الذِّمَّةُ وَحُمِلُوا فِي الْجِزْيَةِ مَحْمَلَ أَهْلِ الْعَنْوَةِ فِي جَمِيعِ وُجُوهِهَا (وَالظَّاهِرُ إنْ بَذَلَ الْأَوَّلَ حَرُمَ قِتَالُهُ مَعَ الْإِهَانَةِ عِنْدَ أَخْذِهَا) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: عِنْدِي إذَا بَذَلَ مَا فَرَضَ عُمَرُ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ حَرُمَ قِتَالُهُمْ.
(وَسَقَطَتَا بِالْإِسْلَامِ) ابْنُ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ فِيمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ وُجُوبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ. وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَإِذَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الذِّمِّيِّ الْجِزْيَةُ سَنَةً حَتَّى أَسْلَمَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي أَهْلِ حِصْنٍ هُودِنُوا ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى أَنْ يُعْطُوا الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا مَعْلُومًا فَأَعْطَوْهُمْ سَنَةً وَاحِدَةً ثُمَّ أَسْلَمُوا: إنَّهُ يُوضَعُ عَنْهُمْ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْمَالُ الَّذِي هُودِنُوا عَلَيْهِ مِثْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute