للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِزْيَةِ (كَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِضَافَةِ الْمُجْتَازِ ثَلَاثًا لِلظُّلْمِ فَقَطْ) مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ: أَرَى إسْقَاطَ مَا فَرَضَهُ عُمَرُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَفِّ لَهُمْ. الْبَاجِيُّ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَازِمَةٌ مَعَ الْوَفَاءِ. سَحْنُونَ: لَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ شَيْءٌ إلَّا عَنْ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ إلَّا الضِّيَافَةُ الَّتِي وَضَعَهَا عُمَرُ. ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُهُ إلْزَامُهُمْ الضِّيَافَةَ.

قَالَ سَحْنُونَ: وَكَانَ عُمَرُ فَرَضَ عَلَيْهِمْ أَرْزَاقَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْحِنْطَةِ مُدَّانِ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ فِي الشَّهْرِ مَعَ ثَلَاثَةِ أَقْسَاطٍ مِنْ الزَّيْتِ مِمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ. وَأَمَّا أَهْلُ مِصْرَ فَإِرْدَبٌّ مِنْ حِنْطَةٍ كُلَّ شَهْرٍ وَلَا أَدْرِي كَمْ مِنْ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ وَكِسْوَةٍ كَانَ عُمَرُ يَكْسُوهَا لِلنَّاسِ وَعَلَى أَنْ يُضَيِّفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا كُلَّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ وَكِسْوَةٌ مَعْرُوفَةٌ لَا أَعْرِفُ قَدْرَهَا كَانَ يَكْسُوهَا عُمَرُ لِلنَّاسِ. انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إذَا تَعَدَّى عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ وَأَخَذَ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا فَرَضَ عُمَرُ سَقَطَتْ عَنْهُمْ الضِّيَافَةُ وَلَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَضِيفَهُمْ وَلَا يَأْكُلَ لَهُمْ شَيْئًا. وَانْظُرْ لَمْ يَذْكُر مَا يَلْزَمُهُمْ إذَا تَجَرُوا مِنْ أُفْقٍ إلَى أُفْقٍ لَا شَكَّ أَنَّهُ سَهَا عَنْهُ.

(وَالْعَنَوِيُّ حُرٌّ) مِنْ سَمَاعِ عِيسَى سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ أُخِذُوا عَنْوَةً، مِثْلُ أَهْلِ مِصْرَ، هَلْ يَحِلُّ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إلَى شُعُورِهِنَّ؟ قِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ هُنَّ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَاءِ؟ قَالَ: لَا بَلْ هُنَّ أَحْرَارٌ لِأَنَّ دِيَةَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُنَّ خَمْسُمِائَةٍ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُنَّ كَانَ حُرًّا فَهُنَّ أَحْرَارٌ يَحْرُمُ مِنْهُنَّ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْأَحْرَارِ.

ابْنُ رُشْدٍ: حَكَمَ لِأَهْلِ الْعَنْوَةِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِحُكْمِ الْأَحْرَارِ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ إقْرَارَهُمْ فِي الْأَرْضِ لِعِمَارَتِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَنِّ الَّذِي قَالَ تَعَالَى: {فَإِمَّا مَنًّا} [محمد: ٤] وَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ. فَعَلَى هَذَا تَكُونُ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ إذَا أَسْلَمُوا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ.

وَسَمِعَ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ. قِيلَ: كَيْفَ يُعْرَفُ إنْ كَانَ تَرَكَ وَارِثًا أَوْ لَا وَفَرَائِضُهُمْ مُخَالِفَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>