للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِخَوْفٍ) اُنْظُرْ هَذَا الْعِبَارَةَ. الْمَازِرِيُّ: لَا يُهَادَنُ الْعَدُوُّ بِإِعْطَائِهِ مَالًا لِأَنَّهُ عَكْسُ مَصْلَحَةِ شَرْعِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ إلَّا لِضَرُورَةِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ خَوْفَ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَائِزًا مَا شَاوَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إعْطَاءِ الْمُشْرِكِينَ فِي قَضِيَّةِ الْأَحْزَابِ لَمَّا أَحَاطُوا بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ مَرْوَانَ (وَلَا حَدَّ) الْمَازِرِيُّ: مُدَّةُ الْمُهَادَنَةِ عَلَى حَسَبِ نَظَرِ الْإِمَامِ (وَنُدِبَ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) ابْنُ شَاسٍ: اسْتَحَبَّ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ أَنْ لَا تَكُونَ الْمُدَّةُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا مَعَ الْعَجْزِ (وَإِنْ اسْتَشْعَرَ خِيَانَتَهُمْ نَبَذَهُ وَأَنْذَرَهُمْ وَوَجَبَ الْوَفَاءُ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ أَرْبَعَةَ شُرُوطٍ لِلْمُهَادَنَةِ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشُّرُوطِ إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ إلَّا أَنْ يَسْتَشْعِرَ خِيَانَةً مِنْهُمْ فَلَهُ أَنْ يَنْبِذَ الْعَهْدَ إلَيْهِمْ وَيُنْذِرَهُمْ.

(وَإِنْ بِرَدِّ رَهَائِنَ وَلَوْ أَسْلَمُوا) ابْنُ رُشْدٍ: أَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ اشْتِرَاءَ أَوْلَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ آبَائِهِمْ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ هُدْنَةٌ، وَإِذَا جَازَ اشْتِرَاؤُهُمْ مِنْهُمْ جَازَ ارْتِهَانُهُمْ مِنْهُمْ وَبَيْعُهُمْ فِيمَا رُهِنُوا فِيهِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ عَنْ أَشْهَبَ.

ابْنُ شَاسٍ: وَهَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ رَهَائِنِهِمْ؟ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ يُرَدُّونَ إلَيْهِمْ. أَبُو عُمَرَ وَغَيْرُ مَالِكٍ يَأْبَى ذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْأَسِيرَ الْكَافِرَ يَأْبِقُ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ ثُمَّ يَأْتِي تَاجِرًا. اُنْظُرْ النَّوَادِرَ.

وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعِلْجِ يَرْهَنُ ابْنَهُ أَوْ بِنْتَهُ فِي فِدَائِهِ ثُمَّ يَذْهَبُ لِيَأْتِيَ بِهِ فَيُقِيمَ بِبَلَدِهِ: فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا اُسْتُرِقَّ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أُطْلِقَ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ لِلْأَبِ عُذْرًا وَلَمْ يَنْكُثْ حِينَ مَضَى لَزِمَ السَّيِّدَ إطْلَاقُ الْوَلَدِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَسِيرِ وَالْحَرْبِيِّ، أَنَّ الْحَرْبِيَّ حَاكِمٌ عَلَى وَلَدِهِ الْبَاقِي فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي بَلَدِهِ فَجَازَ بَيْعُ الْوَلَدِ فِيمَا رُهِنَ فِيهِ، وَالْأَسِيرُ لَا حُكْمَ فِيهِ عَلَى وَلَدِهِ الْبَاقِي فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى إذَا قَدِمَ الْحَرْبِيُّ بِأَهْلِهِ مُسْتَأْمَنًا فَلَنَا شِرَاءُ بَنِيهِ وَرَقِيقِهِمْ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ زَوْجَتُهُ وَابْنُهُ الْكَبِيرُ وَابْنَتُهُ الَّتِي وَلِيَتْ نَفْسَهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ هَادَنَ الْمُسْلِمُونَ لِأَخْذٍ وَلَنَا شِرَاءُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ أَرْضِهِمْ لِأَنَّهُمْ بِأَرْضِهِمْ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ (كَمَنْ أَسْلَمَ) ابْنُ شَاسٍ: وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِمْ مَنْ أَسْلَمَ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرُهُ: لَا يُوَفِّي لَهُمْ بِذَلِكَ وَهَذَا جَهْلٌ مِنْ فَاعِلِهِ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: مَالِكٌ يَرَى أَنْ يَرُدَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرَّهْنِ وَالرُّسُلِ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: لَا يُرَدُّونَ (وَإِنْ رَسُولًا) ابْنُ عَرَفَةَ: سَمِعَ سَحْنُونَ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ أَسْلَمَ رَسُولُ أَهْلِ الْحَرْبِ رُدَّ إلَيْهِمْ.

ابْنُ رُشْدٍ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُرَدُّ إلَيْهِمْ وَلَوْ شَرَطُوهُ، وَثَالِثُهَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطُوهُ. ابْنُ رُشْدٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَبِي جَنْدَلٍ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا حُجَّةَ فِي هَذَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا رَدَّ أَبَا جَنْدَلٍ بِالشَّرْطِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْحُجَّةَ لِمَالِكٍ أَنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهِمْ مَنْ أَسْلَمَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ فَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ «أَبِي رَافِعٍ قَالَ: أَقْبَلْت بِكِتَابٍ مِنْ قُرَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَأَيْته أُلْقِيَ فِي قَلْبِي حُبُّ الْإِسْلَامِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا أَرْجِعُ إلَيْهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي لَا أَخْفِرُ بِالْعَهْدِ وَلَا أَحْبِسُ الْبُرْدَ وَلَكِنْ ارْجِعْ إلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِك بَعْدَ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِمْ الَّذِي فِي قَلْبِك الْآنَ فَارْجِعْ. قَالَ: فَرَجَعْت إلَيْهِمْ ثُمَّ أَقْبَلْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>