للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ أَرَ مَنْ عَزَا لِمَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَيْهِمْ مَنْ أَسْلَمَ إلَّا مَا تَقَدَّمَ لِأَبِي عُمَرَ، وَانْظُرْ مَنْ يَسْتَشْكِلُ قَوْلَ مَالِكٍ كَأَنَّهُمْ يُرَدُّونَ إلَى الْكُفْرِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ بِالْأَصَالَةِ وَأُسِرُوا وَقَدِمَ بِهِمْ الْحَرْبِيُّونَ بِأَمَانٍ؟ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُمْ الرُّجُوعَ بِهِمْ إنْ أَحَبُّوا. وَانْظُرْ قَضِيَّةَ نُعَيْمٍ سَمَحَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إخْفَاءِ إسْلَامِهِ عَنْ قَوْمِهِ أَنْ يُخَذِّلَ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لِلرَّهْنِ حَتَّى يَكُونَ إسْلَامُهُ تَطْمَئِنُّ نُفُوسُنَا إلَيْهِ.

وَإِنَّمَا انْبَسَطْتُ فِي تَرْسِيخِ هَذَا لِكَثْرَةِ مَنْ غَرَّنَا فَانْخَدَعْنَا لَهُ بِالْأُسْوَةِ بِمَالِكٍ وَبِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ: ارْجِعْ إلَى قَوْمِك فَإِنْ بَقِيَ فِي قَلْبِك مَا بِقَلْبِك الْآنَ فَارْجِعْ أَوْ كَمَا قَالَ:

فَسَلِي ثِيَابَك مِنْ ثِيَابِي تَنْسَلِ ... لَا خَيْرَ فِي وُدٍّ يَكُونُ تَكَلُّفَا

(إنْ كَانَ ذَكَرًا) تَقَدَّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " إنْ خَلَا عَنْ كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ " وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيِّ، وَانْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ قَدِمُوا بِهِمْ ".

(وَفُدِيَ بِالْفَيْءِ ثُمَّ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ بِمَالِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِدَاءُ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ فِيهِ طُرُقٌ وَالْأَكْثَرُ وَاجِبٌ. وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ: اسْتِنْقَاذُهُمْ بِالْقِتَالِ وَاجِبٌ فَكَيْفَ بِالْمَالِ؟ زَادَ اللَّخْمِيِّ فِي رِوَايَتِهِ مَعَ رِوَايَةِ أَشْهَبَ: وَلَوْ بِجَمِيعِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ: مَا لَمْ يَخْشَ اسْتِيلَاءَ الْعَدُوِّ بِذَلِكَ وَفِي الْمَبْدَأِ بِالْفِدَاءِ مِنْهُ طُرُقٌ. ابْنُ بَشِيرٍ: بَيْتُ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْأَسِيرُ كَأَحَدِهِمْ، فَإِنْ ضَيَّعَ الْإِمَامُ وَالْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الْأَسِيرِ مِنْ مَالِهِ. وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ: مَنْ رَهَنَهُ أَبُوهُ فَمَاتَ فَفَدَاهُ مُسْلِمٌ يَرْجِعُ بِفِدَائِهِ فِي قَدْرِ إرْثِهِ مِنْ أَبِيهِ أَوْ عَلَى التَّرِكَةِ قَالَ: لَوْ فَدَاهُ الْإِمَامُ. ابْنُ بَشِيرٍ: يُرِيدُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ فَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ وَلَا أَحَدَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَالْوَاجِبُ كَوْنُهُ مِنْ رَأْسِ مَالِ أَبِيهِ، فَإِنْ قَصَّرَ فَعَلَى الِابْنِ وَيُتْبَعُ بِهِ فِي عَدَمِهِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ. سَحْنُونَ: إنْ رَهَنَهُ أَبُوهُ فِي تِجَارَتِهِ فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ وَيُؤَدَّبُ، فَإِنْ مَاتَ فَمِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِنْ رَهَنَهُ فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَى الْإِمَامِ فِدَاؤُهُ. ابْنُ يُونُسَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يُفْدَى مَنْ هَرَبَ إلَيْهِمْ طَوْعًا مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ. ابْنُ رُشْدٍ: وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْتَكَّ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ فَمَا قَصُرَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ تَعَيَّنَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ عَلَى مَقَادِيرِهَا وَيَكُونُ هُوَ كَأَحَدِهِمْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مِنْ فَكِّ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ إلَّا مَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، فَإِذَا ضَيَّعَ الْإِمَامُ وَالْمُسْلِمُونَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ هَذَا فَوَاجِبٌ عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ مِنْ الْأَسْرَى أَنْ يَفُكَّ نَفْسَهُ مِنْ مَالِهِ. اُنْظُرْ طَرِيقَةَ سَحْنُونٍ وَطَرِيقَةَ اللَّخْمِيِّ فِي ابْنِ عَرَفَةَ.

(وَرَجَعَ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اشْتَرَيْتَ حُرًّا مُسْلِمًا مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلْتَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا اشْتَرَيْتَهُ بِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ لِأَنَّهُ فِدَاءٌ.

قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: يُؤْخَذُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ شَاءَ أَوْ أَبَى.

قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَاَلَّذِي فَدَاهُ وَاشْتَرَاهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>