تَجُوزُ الْوَكَالَةُ عَلَى صَبِّ الْمَاءِ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَا تَجُوزُ عَلَى عَرْكِهَا إلَّا إنْ كَانَ الْمُتَوَضِّئُ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ إذَا دَلَكَ إحْدَى رِجْلَيْهِ بِالْأُخْرَى وَلَمْ يُمِرَّ عَلَيْهَا يَدَهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: وُجُوبُ التَّدَلُّكِ إنَّمَا هُوَ لِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ فَإِذَا بَقِيَ فِي الْمَاءِ زَمَنًا حَتَّى وَصَلَ لِجَمِيعِ جَسَدِهِ أَجْزَأَهُ الْبُرْزُلِيِّ: وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا اخْتَارَهُ الصَّائِغُ أَنَّ الدَّلْكَ وَاجِبٌ لِغَيْرِهِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ، اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ بَعْدَ هَذَا أَجْمَعُوا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَوْ تَدَلَّكَ الْجُنُبُ أَثَرَ انْغِمَاسِهِ فِي الْمَاءِ أَجْزَاهُ وَارْتَضَاهُ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَهُوَ الصَّحِيحُ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ: لَوْ كَانَتْ بِجِسْمِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهَا لَا تَزُولُ إلَّا بِمُقَارَنَةِ الدَّلْكِ لِلصَّبِّ فَتَبْقَى لَمْعَةٌ وَلِابْنِ رُشْدٍ: أَجْمَعُوا أَنَّ الْجُنُبَ إذَا انْغَمَسَ فِي النَّهْرِ وَتَدَلَّكَ فِيهِ لِلْغُسْلِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْقُلْ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ إلَيْهِ وَلَا صَبَّهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ وَلَا يَلْزَمُ نَقْلُ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ.
(وَهَلْ الْمُوَالَاةُ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يَطُلْ جَفَافُ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَ أَوْ سُنَّةٌ خِلَافٌ) ابْنُ يُونُسَ: الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُوَالَاةَ مَعَ الذِّكْرِ وَاجِبَةٌ وَلَا يُفْسِدُهُ قَلِيلُ التَّفَرُّقِ ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْفَوْرَ سُنَّةٌ فَإِنْ فَرَّقَهُ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَامِدًا أَعَادَ أَبَدًا لِتَهَاوُنِهِ ابْنُ بَشِيرٍ: الْمُوَالَاةُ أَنْ يَفْعَلَ الْوُضُوءَ كُلَّهُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ بَقِيَتْ رِجْلَاهُ مِنْ وُضُوئِهِ فَخَاضَ بِهَا نَهْرًا فَدَلَّكَهُمَا فِيهِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَنْوِ تَمَامَ وُضُوئِهِ لَمْ يُجْزِهِ حَتَّى يَنْوِيَهُ ابْنُ يُونُسَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ نَسِيَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ وَظَنَّ أَنَّهُ أَكْمَلَهُ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ، وَأَمَّا لَوْ تَوَضَّأَ بِقُرْبِ النَّهْرِ ثُمَّ دَخَلَ النَّهْرَ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ فِيهِ لَأَجْزَاهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَمَامَ وُضُوئِهِ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ لِكُلِّ عُضْوٍ يَغْسِلُهُ نِيَّةً.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاسُ النِّيَّةِ فِي خِلَالِ الْغَسْلِ وَلَا قَبْلَ الْغَسْلِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي دَخَلَ الْحَمَّامَ لِغُسْلِ جَنَابَةٍ فَنَسِيَ ذَلِكَ وَقْتَ الْغُسْلِ: إنَّهُ يُجْزِيهِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يَغْسِلْ مَا تَرَكَ سَهْوًا حِينَ ذَكَرَهُ يُرِيدُ وَطَالَ اسْتَأْنَفَ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ، وَإِنْ قَامَ لِعَجْزِ مَائِهِ وَقَرُبَ وَلَمْ يَجِفَّ بَنَى وَفِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَرَكَ فَرْضًا مِنْ فَرَائِضِ وُضُوئِهِ أَوْ سُنَّةً فَذَكَرَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ فَعَلَ الْفَرْضَ وَمَا يَلِيهِ وَفَعَلَ السُّنَّةَ وَلَمْ يُعِدْ مَا يَلِيهَا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ ذَكَرَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ قَطَعَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُعِدْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، وَسَيَأْتِي هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute