قَتْلِهِ أَوْ ضَرْبِهِ أَوْ أَخْذِ مَالِهِ فَأَسْرَعَ بِالْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُحَلَّفْ رَجَاءَ النَّجَاةِ لَزِمَتْهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي لُصُوصٍ اسْتَحْلَفُوا رَجُلًا بِالْحُرِّيَّةِ وَالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُخْبِرَ بِهِمْ ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُمْ قَالَ مَالِكٌ: لَا حِنْثَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَعْنَاهُ إذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ مَكْرُوهًا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْشَ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَلْزَمُهُ إنْ أَخْبَرَ عَنْهُمْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ عَنْهُمْ وَيَحْنَثَ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: طَلَاقُ الْمُكْرَهِ يَلْزَمُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْدَمْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الرِّضَا وَلَيْسَ وُجُودُهُ بِشَرْطٍ فِي الطَّلَاقِ كَالْهَازِلِ وَهَذَا قِيَاسٌ بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْهَازِلَ قَاصِدٌ إلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَرَاضٍ بِهِ وَالْمُكْرَهُ غَيْرُ رَاضٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. وَمِنْ غَرِيبِ الْأَمْرِ أَنَّ عُلَمَاءَنَا اخْتَلَفُوا فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عِرَاقِيَّةٌ سَدَلَتْ بِنَا مِنْهُمْ لَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَلَا كَانُوا هُمْ، وَأَيُّ فَرْقٍ يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِنَا بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْيَمِينِ فِي أَنَّهَا تَلْزَمُ وَبَيْنَ الْحِنْثِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَرَاجِعُوا بَصَائِرَكُمْ وَلَا تَغْتَرُّوا بِذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهَا وَصْمَةٌ فِي الدِّرَايَةِ.
اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا فِي الْجِهَادِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَفِي الْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ قَوْلَانِ ". وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ لُبٍّ فِي بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ أَنَّهُ سَلَّمَ فِي حَالِ الْإِكْرَاهِ، فَإِنْ وَقَعَ التَّسْلِيمُ فِي وَقْتٍ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ. وَنَوَازِلُ الشَّعْبِيِّ: إذَا حَلَّفَ صَاحِبُ الْمَغَارِمِ صَاحِبَ حِمْلٍ عَلَى أَنَّهُ كَذَا وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ كَمَسْأَلَةِ الْعَاشِرِ (وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ حَلَفَ فِي نِصْفِ عَبْدِ لَا بَاعَهُ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نِصْفَهُ فَعَتَقَ عَلَيْهِ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إلَّا أَنْ يُغْلَبَ. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: لَا حِنْثَ عَلَيْهِ.
الْمُتَيْطِيُّ: مِنْ أَصْلِ قَوْلِهِمْ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا فَأُكْرِهَ عَلَى فِعْلِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ.
وَقَالَ أَيْضًا: إنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُدْخِلَ رَبَائِبَهُ عَلَى أُمِّهِمْ وَلَا هِيَ عَلَيْهِمْ أُجْبِرَ عَلَى دُخُولِهِمْ إلَيْهَا وَلَا يَحْنَثُ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْإِكْرَاهُ غَيْرُ الشَّرْعِيِّ مُعْتَبَرٌ فِي دَرْءِ الْحِنْثِ بِهِ اتِّفَاقًا، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ.
اُنْظُرْهُ فِي فَصْلِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ. وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَمْرٍ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَقَضَى عَلَيْهِ السُّلْطَانُ، أَتَرَى أَنْ يَلْزَمَهُ الْحِنْثُ؟ قَالَ: إي وَاَللَّهِ أَرَى عَلَيْهِ الْحِنْثَ.
ابْنُ رُشْدٍ: مِثْلُ هَذَا فِي التَّخْيِيرِ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَرَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَانْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ لُزُومَ شِقْصِ الشَّرِيكِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ قِيمَةِ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ وَقِيمَةِ كَلْبِ الصَّيْدِ إذَا اُسْتُهْلِكَ (أَوْ فِي فِعْلٍ) أَبُو عُمَرَ: مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا ثُمَّ فَعَلَهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا حَنِثَ، وَإِنْ أُكْرِهَ أَوْ غُلِبَ أَوْ فَاتَهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَحْنَثْ (إلَّا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا) ابْنُ شَاسٍ: لَا يَقَعُ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute