يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَهُوَ مِمَّا لَا طَلَاقَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْهَى عَنْهُ وَلَا يُلْتَفَتَ إلَيْهِ كَالْمُسْتَنْكِحِ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَيِسَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِانْقِطَاعِهِ عَنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَعِبَارَةُ التَّهْذِيبِ: مَنْ لَمْ يَدْرِ أَحَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ أُمِرَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَحَنِثَ أَمْ لَا، أُمِرَ بِالْفِرَاقِ وَإِنْ كَانَ ذَا وَسْوَسَةٍ فِي هَذَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ عِزُّ الدِّينِ: الْوَسْوَسَةُ لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ وَإِنَّمَا هِيَ صَادِرَةٌ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ وَلَا إثْمَ عَلَى الْإِنْسَانِ فِيهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ وَصُنْعِهِ وَيَتَوَهَّمُ الْإِنْسَان أَنَّهَا مِنْ نَفْسِهِ لِمَا كَانَ الشَّيْطَانُ يُحَدِّثُ بِهَا الْقَلْبَ وَلَا يُلْقِيهَا إلَى السَّمْعِ فَيُوهَمُ الْإِنْسَانُ أَنَّهَا صَادِرَةٌ مِنْهُ فَيَتَخَرَّجُ لِذَلِكَ وَيَكْرَهُهُ.
وَفِي لَطَائِفِ الْمِنَنِ: كَانَ الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ يُلَقِّنُ مَنْ بِهِ وَسْوَاسٌ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْخَلَّاقِ {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [إبراهيم: ١٩] {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [إبراهيم: ٢٠] (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ اسْتَنَدَ شَكُّهُ إلَى أَصْلٍ كَمَنْ حَلَفَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا وَكَانَ سَالِمَ الْخَاطِرِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ، وَفِي كَوْنِهِ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ قَوْلَانِ (كَرُؤْيَةِ شَخْصٍ دَاخِلًا شَكَّ فِي كَوْنِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهَلْ يُجْبَرُ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ فَلَمْ يَدْرِ أَحَنَثَ أَمْ لَا أُمِرَ بِالْفِرَاقِ.
وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ إنْ كَلَّمَ فُلَانًا ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَدْرَأْ كَلَّمَهُ أَمْ لَا، أَنَّ زَوْجَتَهُ تَطْلُقُ عَلَيْهِ، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ عَلَى الْجَبْرِ. وَذَكَرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ. اهـ. مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَا تَخْرُجُ ثُمَّ شَكَّ هَلْ خَرَجَتْ أَمْ لَا؟ أَوْ لَا كَلَّمَ فُلَانًا ثُمَّ يَشُكُّ هَلْ كَلَّمَهُ، هَذَا لَا يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ بِقَضَاءٍ وَلَا فُتْيَا.
ابْنُ عَرَفَةَ: نَقْلُ اللَّخْمِيِّ هَذَا مُخَالِفٌ لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ. قَالَ: مَنْ شَكَّ هَلْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ بِالطَّلَاقِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ (وَإِنْ شَكَّ أَهِنْدٌ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا أَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ أَنْتِ طَلُقَتَا) أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ ثُمَّ نَسِيَهَا طُلِّقْنَ كُلُّهُنَّ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ " إحْدَاكُمَا طَالِقٌ " فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ إحْدَى نِسَائِي طَالِقٌ أَوْ حَنِثَ بِذَلِكَ فِي يَمِينٍ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً طَلُقَتْ فَقَطْ وَصَدَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute