بِذَلِكَ ثَابِتَةٌ وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (وَلَا نُكْرَةَ لَهُ إنْ دَخَلَ فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَلَا مُنَاكَرَةَ لِلزَّوْجِ. وَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي فَقَالَ الزَّوْجُ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَلَهُ الرَّجْعَةُ (وَإِنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي سُئِلَتْ بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ أَرَادَتْ الثَّلَاثَ لَزِمَتْ فِي التَّخْيِيرِ وَنَاكَرَ فِي التَّمْلِيكِ) ابْنُ رُشْدٍ: لَا تَخْلُو إجَابَتُهَا مِنْ عَشْرَةِ أَوْجُهٍ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا إذَا قَالَتْ قَدْ طَلَّقْت نَفْسِي فَفِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا أَنَّهَا تَسْأَلُ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ كَمْ أَرَادَتْ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا نِيَّةٌ فَهِيَ ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يُنَاكِرَهَا فِي التَّمْلِيكِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصِّهَا: إنْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي لَزِمَ مَا نَوَتْ إلَّا أَنْ يُنَاكِرَهَا الزَّوْجُ فِيمَا زَادَتْ عَلَى الْوَاحِدَةِ، فَإِنْ جَهِلُوا سُؤَالَهَا فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى مَضَى شَهْرَانِ فَسَأَلُوهَا فَقَالَتْ أَرَدْت ثَلَاثًا فَلِلزَّوْجِ مُنَاكَرَتُهَا فِيمَا زَادَتْ عَلَى الْوَاحِدَةِ (وَإِنْ قَالَتْ وَاحِدَةً بَطَلَتْ بِالتَّخْيِيرِ) الْمُتَيْطِيُّ: التَّخْيِيرُ مَعْنَاهُ أَنْ يُخَيِّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ أَوْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا وَلَا يَكُونُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا بِالْبَتَاتِ.
فَإِذَا قَالَ لَهَا خَيَّرْتُك أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك فَإِنْ صَرَّحَتْ بِوَاحِدَةٍ أَوْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا أَوْ فَسَّرَتْ لَفْظَةً مُشْكَلَةٌ بِهَا فَلَا يَكُونُ شَيْئًا وَلَا تَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ. هَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ (وَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ تَأْوِيلَانِ) ابْنُ رُشْدٍ: مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّتِي تَقُولُ قَدْ طَلَّقْت نَفْسِي وَلَا نِيَّةَ لَهَا أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَوَاحِدَةٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ (وَالظَّاهِرُ سُؤَالُهَا إنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَيْضًا) .
اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ إنْ قَالَتْ قَدْ اخْتَرْت الطَّلَاقَ فَاَلَّذِي أَرَى عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ تَسْأَلَ فِي التَّمْلِيكِ وَالتَّخْيِيرِ. رَاجِعْ الْمُقَدِّمَات (وَفِي جَوَازِ التَّخْيِيرِ قَوْلَانِ) قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لَا يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخَيِّرَ زَوْجَتَهُ كَمَا يُكْرَهُ التَّطْلِيقُ ثَلَاثًا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا. فَقِيلَ لَهُ: إنَّمَا صَارَ ذَلِكَ إلَيْهَا بِسَبَبِهِ فَقَالَ: لَيْسَ مَنْ يَقْصِدُ إلَى الْبِدْعَةِ كَاَلَّذِي لَا يَقْصِدُ إلَيْهَا فَقِيلَ لَهُ مَا ذَكَرَهُ. أَبُو مُحَمَّدٍ: عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّخْيِيرُ كَمَا يُكْرَهُ التَّطْلِيقُ ثَلَاثًا فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ ذَكَرَهُ بَكْرٌ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute